“أبوظبي“| بعد سقوط ورقة حضرموت.. الإمارات تناور في السودان وتعيد فتح جبهة شبوة..!
اليوم – خاص
بدأت الإمارات التحرك نحو إعادة صياغة نفوذها الإقليمي عبر فتح مسار تفاوضي جديد في السودان، وذلك عقب فشل محاولاتها لاستخدام الهضبة النفطية شرق اليمن كورقة ضغط في مواجهة السعودية.
فقد كشف مستشار رئيس الدولة الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، عن وجود مشاورات تجريها أبو ظبي مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للوصول إلى اتفاق سياسي جديد بشأن السودان، يشمل – للمرة الأولى – التخلي عن كل من الجيش الموالي للرياض و”قوات الدعم السريع” المدعومة إماراتيًا، في خطوة تعكس استعداد أبو ظبي للتضحية بأدواتها التقليدية مقابل تسوية تحفظ حضورها.
ويأتي هذا التحرك عقب لقاء جمع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد بالمبعوث الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية مسعود بُولس، في وقت تتسارع فيه التطورات الإقليمية، خصوصًا في ساحات التماس بين السعودية والإمارات.
وقد تحدثت تقارير إعلامية عن طلب سعودي موجَّه لواشنطن بفرض عقوبات على أبو ظبي على خلفية التصعيد في كل من السودان واليمن، ما يشير إلى تصاعد حدة التنافس بين الحليفين السابقين.
وتزامن الموقف السعودي مع حسم الرياض المبكر لمعركة الهضبة النفطية في حضرموت، وهي المنطقة التي كانت الإمارات تراهن عليها لقلب موازين القوى في الملف السوداني. إذ نجحت الفصائل الموالية للسعودية في فرض واقع ميداني جديد بالسيطرة على مناطق النفط شرق اليمن، قبيل فعالية كان “الانتقالي” يعدّ لها لإسقاط تلك المناطق، الأمر الذي شكّل ضربة موجعة لبنية النفوذ الإماراتي هناك.
ولم تتوقف المناورات الإماراتية عند حدود السودان، بل امتدت إلى اليمن عبر إعادة إشعال ملف شبوة. فقد رفض المحافظ الموالي لأبو ظبي، عوض بن الوزير العولقي، وبإيعاز إماراتي، قرار رئيس حكومة عدن بنقل إدارة أحد أهم حقول النفط في المحافظة إلى شركة “جنت هنت” التي يديرها نجل رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي.
وأكدت مصادر نفطية في عدن أن العولقي، الذي يقيم حاليًا في أبو ظبي، يتمسك بخيار إنشاء شركة جديدة تُعرف باسم “بتروشبوة”، وهو مشروع تدفع الإمارات بقوة لاعتماده لتعزيز نفوذها في مناطق الإنتاج.
جملة هذه التحركات تكشف أن الإمارات توصّلت إلى قناعة بفشل رهاناتها على حضرموت كورقة استراتيجية في مواجهة السعودية، وأنها بدأت الانتقال إلى خطة بديلة تعتمد على إعادة تموضع سياساتها في السودان وتكثيف حضورها في شبوة، بحثًا عن نقاط توازن جديدة في المشهد الإقليمي المتوتر.
تحليل:
تدل المؤشرات الحالية على دخول العلاقة بين الرياض وأبو ظبي مرحلة إعادة فرز عميقة، بعدما تحولت ساحات النفوذ – من حضرموت إلى السودان – إلى ميادين صراع مباشر بالأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
ومع خسارة الإمارات أهم رهان لها في شرق اليمن، تبدو مضطرة للبحث عن مسارات تعويضية عبر تقديم تنازلات مؤلمة في السودان ومحاولات تكريس موطئ قدم بديل في شبوة.
وفي المقابل، تسعى السعودية لتثبيت هيمنتها على ممرات الطاقة وقواعد النفوذ الجديدة في المنطقة. ومع هذا التسارع، يبدو الشرق الأوسط مقبلًا على إعادة رسم جديدة لموازين القوى، تتجاوز التحالفات التقليدية وتفتح الباب أمام خريطة نفوذ مختلفة تمامًا عمّا كانت عليه خلال العقد الماضي.