“تقرير خاص“| الشرق اليمني بين حرب الوكلاء والقرار الدولي: من يقود الصراع فعلياً..!
اليوم – خاص
ما يحدث في شرق وجنوب اليمن اليوم يمثل مرحلة فاصلة في الصراع اليمني والإقليمي والدولي، إذ تحوّلت المحافظات الشرقية – من حضرموت إلى المهرة – من مجرد مناطق نفوذ محلية إلى ساحة استراتيجية كبرى تتقاطع عندها مصالح الولايات المتحدة، والكيان الإسرائيلي، والإمارات، والسعودية، بالإضافة إلى قوى دولية كبرى أخرى، بما فيها بريطانيا وفرنسا والصين.
التحولات العسكرية الأخيرة، مع انهيار سريع للفصائل الموالية للتحالف في حضرموت والمهرة، تكشف عن مخطط متكامل لإعادة ترتيب السيطرة على الموارد والموانئ الحيوية وخطوط الملاحة البحرية في البحر العربي وباب المندب.
الإمارات، بدعم مباشر من اتفاقيات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، تعمل على تثبيت وجود طويل الأمد في السواحل والجزر اليمنية، بما يضمن حرية الحركة لكيان الاحتلال على خطوط الملاحة الاستراتيجية، بينما تحاول السعودية، ضمن إطار التعاون مع الولايات المتحدة، الحد من امتداد النفوذ الإماراتي ومنع احتكار الموارد الشرقية.
على الأرض، يبدو الصراع ظاهريًا محليًا بين الفصائل، لكنه في الواقع جزء من لعبة دولية معقدة تستخدم فيها القوى الكبرى وكلاء محليين لتنفيذ أهدافها. أدوات الحرب لم تعد مقتصرة على الاشتباكات المسلحة، بل تشمل السيطرة على الموارد، وخلخلة البنى العسكرية المحلية، واستغلال الانقسامات الداخلية لضمان إبقاء اليمن في وضعية مستمرة من التشرذم والانقسام.
من منظور صنعاء، يرى مراقبون أن هذه التحولات ليست مجرد هزيمة فصائل محلية، بل محاولة لإعادة رسم خارطة النفوذ الإقليمي في مواجهة القوة المتصاعدة لليمن، التي أثبتت قدرتها على مواجهة الضغوط الدولية والدفاع عن مصالحها الإقليمية، بما في ذلك دعم الشعب الفلسطيني في غزة. التحرك الإماراتي والسعودي على الأرض ليس منفصلًا عن سياسات الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، بل جزء من استراتيجية أوسع لضمان الهيمنة على الممرات البحرية والثروات الطبيعية في المنطقة.
باختصار.. شرق وجنوب اليمن لم يعدا مجرد مسرح صراع محلي بين فصائل، بل أصبحا قطبًا استراتيجيًا دوليًا تتقاطع فيه مصالح القوى الكبرى، حيث تُدار الأزمة عبر وكلاء إقليميين ومحليين، بينما يبقى الشعب اليمني محاصرًا بين اللعبة الدولية وابتزاز النفوذ، وسط تحدٍ مستقبلي كبير: هل سيتمكن من استعادة سيادته والقول الفصل في مصيره، أم سيظل ساحة لتصفية الحسابات الدولية على حسابه؟
وعليه يمكن القول:
ما يجري في شرق وجنوب اليمن ليس صراعًا عسكريًا محليًا فحسب، بل فصل جديد من صراع دولي استراتيجي يهدف إلى السيطرة على الممرات البحرية، الموارد الطبيعية، والخطوط الحيوية للملاحة الدولية. الإمارات تعمل على تثبيت وجود طويل الأمد، مدعومة بالقدرات الإسرائيلية والاستخباراتية، فيما تحاول السعودية احتواء النفوذ الإماراتي ضمن أهداف أمريكية محددة.
السيناريو الحالي يبرز هشاشة الدولة اليمنية جنوبًا، ويكشف استغلال القوى الخارجية للانقسامات المحلية لتعزيز نفوذها، ما يضع الشعب اليمني أمام تحدٍ وجودي: إما أن يظل متفرجًا على تمزيق وطنه، أو أن يستعيد دوره في تقرير مصيره، وهو الخيار الوحيد القادر على قلب المعادلات لصالح اليمن.