“عدن“| انسحاب سعودي مدروس من الجنوب والشرق: هل سيناريو قلب الطاولة على الإمارات يقترب من التنفيذ..!
أبين اليوم – خاص
تواصل السعودية، منذ ثلاثة أيام، تنفيذ أكبر عملية انسحاب من مناطق سيطرة التحالف في جنوب وشرق اليمن، في خطوة باتت ملامحها تشير إلى سيناريو واضح يهدف إلى قلب الطاولة على الإمارات وإحراجها أمام مسؤوليات لن تقوى على حملها.
ففي عدن، شهدت الساعات الأخيرة نشاطًا مكثفًا للطيران العسكري السعودي لإجلاء آخر الطواقم العاملة، بما فيها فرق طبية كانت تدير أهم مستشفيات المدينة.
وبهذه الخطوة، تصبح السعودية خارج نطاق النفوذ المباشر داخل المدن اليمنية، بعد نقل قوات “درع الوطن” من عدن والمهرة وحضرموت وإعادة نشرها على الشريط الحدودي.
ورغم أن نخبًا سعودية تتحدث عن تعزيزات عسكرية ضخمة على الحدود الشرقية، إلا أن هذه التحركات لا تشير إلى نية تصعيد عسكري قريب، بل إلى تكتيك سعودي لتجنّب المواجهة المباشرة مع الإمارات وتوجيه ضربة مُحكمة لها.
فالانسحابات السعودية ترافقت مع خطوات حساسة، مثل إجلاء المجلس الرئاسي وأعضاء حكومة عدن، وإغلاق الأجواء، ووقف إمدادات النفط والغاز القادمة من حقول مأرب—العمود الاقتصادي الأهم في اليمن.
هذه الإجراءات تعني أن السعودية ألقت بثقل إدارة الجنوب والشرق كاملاً في حضن الإمارات، لتجد الأخيرة نفسها وحيدة أمام أعباء عسكرية وأمنية واقتصادية لم يسبق أن تمكنت من إدارتها، وفي ظل أوضاع جنوبية تعيش أسوأ مراحلها: تدهور خدماتي، انهيار وشيك للعملة، وإشارات مباشرة من رشاد العليمي من الرياض تؤكد وقف الدعم ونقل المركز القانوني للدولة من عدن.
وتذهب تقديرات مراقبين إلى أن السعودية تُعد لإطلاق ترتيبات سياسية وعسكرية واسعة جنوبًا وشرقًا، ستجد الإمارات نفسها عاجزة عن مواجهتها، خصوصًا بعد فشل المجلس الانتقالي في إدارة عدن واستشراء الفساد داخل مؤسساته، إضافة إلى فشل أبوظبي سابقًا في تشغيل حتى المشاريع التي أعلنت تمويلها، وعلى رأسها الكهرباء.
وبحسب هذه المؤشرات، يبدو أن الانتقالي يتجه نحو مرحلة هي الأصعب في تاريخه، وربما نحو بداية الانهيار، مع انكشاف هشاشة الدعم الإماراتي الذي لطالما كان قائماً على استغلال الثروات لا بناء سلطة مستقرة.
– تحليل:
التحركات السعودية تكشف عن لحظة مفصلية في الجنوب: صراع النفوذ بين الرياض وأبوظبي وصل إلى مرحلة “الحسم غير المباشر”، حيث اختارت السعودية الانسحاب المرحلي الذي يضع الإمارات أمام مسؤوليات تفوق طاقتها، ويمهّد لفراغ تتدافع إليه قوى محلية وإقليمية.
وفي ظل هذا الفراغ، تزداد أهمية تمسّك قوى المقاومة – في الشمال والجنوب – بمعادلة القوة الوطنية التي حالت دون سقوط البلد تحت الهيمنة الخارجية.
فالعصر الراهن لا يرحم الضعفاء، ومن لا يمتلك أدوات الردع والسيادة يصبح عرضة لإعادة هندسة كاملة لمصيره، كما يحدث اليوم في مناطق سيطرة التحالف.
هذه التطورات تُثبت من جديد أن التدخلات الأجنبية لم تجلب سوى الفوضى، وأن تجربة صنعاء في بناء قدرات الردع وتحصين القرار الوطني هي النموذج الوحيد الذي أفشل مشاريع اختطاف اليمن وثرواته.