“تقرير خاص“| ما وراء اختيار الانتقالي لـ “أبين“ مركزًا لقواته المنسحبة من حضرموت والمهرة وفي هذا التوقيت..!

8٬010

أبين اليوم – خاص 

اختيار المجلس الانتقالي محافظة أبين كمقر لقواته المنسحبة من حضرموت والمهرة ليس مجرد قرار جغرافي أو لوجستي، بل خطوة استراتيجية مدروسة بعناية لتعزيز السيطرة على الجنوب وإضعاف خصومه السياسيين. أبين، مسقط رأس الرئيس الأسبق عبد ربه منصور هادي، تمثل قلب النفوذ القديم للتيار الموالي له، وقاعدة اجتماعية مهمة للفصائل التي ما زالت تحتفظ بولائها له، رغم الانقسامات العسكرية السابقة.

بتثبيت قواته في أبين، يحقق الانتقالي أهدافًا مزدوجة: أولًا، ضمان ولاء القوات المنسحبة عبر الانتماء القبلي والمحلي، ما يحد من مخاطر انشقاقها أو تحركها لصالح خصومه؛

ثانيًا، استنزاف خصومه شرقًا وشمالا، عبر إشراك هذه القوات في صراعات طويلة الأمد وتغذية التوترات القبلية داخل المحافظة نفسها. هذا القرار يعكس عقلية مناطقية واضحة، ويكشف أن الانتقالي يسعى ليس فقط للوجود العسكري، بل للتحكم في التوازنات السياسية والاجتماعية في الجنوب، وتحويل أبين إلى منصة لإضعاف أي نفوذ متبقي للتيار الموالي لهادي.

باختصار، أبين أصبحت أكثر من مجرد مقر للانسحاب؛ إنها أداة استراتيجية لإعادة رسم الخريطة السياسية والعسكرية للجنوب اليمني، وضمان بقاء المشروع الانفصالي الإماراتي مسيطرًا على مفاصل القوة والولاءات المحلية.

ومع ترقب بدء سحب قواته المتوغلة شرقي اليمن، أعلن المجلس الانتقالي الموالي للإمارات اختيار محافظة أبين مركزًا لقواته المنسحبة من حضرموت والمهرة، تحت حملة جديدة أطلق عليها اسم “عملية الحسم”.

رغم أن عدن كانت مقر الانتقالي التقليدي، فإن اختيار أبين جاء مدفوعًا بعوامل مناطقية واستراتيجية، إذ تعد المحافظة مسقط رأس الرئيس الأسبق عبد ربه منصور هادي، وتحظى ببعض الولاءات المتبقية لفصائل تدين له.

الأسبوع الماضي، كلّف المجلس قائد قوات الأمن الخاصة لمحافظات عدن ولحج وأبين، فضل باعش، بقيادة حملة اجتياح للشرق، مستهدفًا حضرموت والمهرة.

وقد نجح باعش في السيطرة على الهضبة النفطية لحضرموت، والتي كانت خاضعة للوحدة العسكرية الأولى بقيادة صالح الجملاني، ومن ثم السيطرة على محور الغيضة في المهرة، مستفيدًا من الانتماء المناطقي لقواته لأبين.

ويعكس هذا التوجه عقلية مناطقية واضحة للمجلس الانتقالي، إذ يسعى إلى تقليص نفوذ تيار هادي وضمان أن القوات المنسحبة إلى أبين ستظل تحت سيطرته، مع إمكانية استنزافها في صراعات شمالية أو داخلية بالمحافظة، بما يحقق أهداف الانتقالي في فرض مشروعه الجنوبي وإضعاف أي مراكز نفوذ معارضة له.

القرار بعدم عودة قوات باعش إلى عدن يؤكد الرغبة في إعادة رسم التوازنات الداخلية للجنوب، واستغلال الصراعات القبلية لتعزيز النفوذ السياسي والعسكري للمجلس في المحافظات الحيوية.

وعليه يمكن القول:

لم يكن اختيار المجلس الانتقالي محافظة أبين مركزًا لقواته المنسحبة من حضرموت والمهرة قرارًا عابرًا أو نتيجة ظرف ميداني، بل خطوة محسوبة بعناية ضمن هندسة إماراتية لإعادة ضبط ميزان القوة في الجنوب. فعدن، التي كانت المقر التقليدي للانتقالي، لم تعد ساحة آمنة لاحتواء هذا الكم من القوات، ولا بيئة مناسبة لإدارة صراعات طويلة الأمد دون كلفة سياسية وأمنية مرتفعة.

بالمقابل، تمثل أبين المسرح المثالي لتصفية الحسابات المؤجلة، وتفكيك ما تبقى من نفوذ تيار الرئيس الأسبق عبد ربه منصور هادي من داخل معقله الاجتماعي نفسه.

ونجد أيضًا أن الانتقالي، الذي يعاني من هشاشة حاضنته الشعبية شرقًا، يدرك أن أبين ليست مجرد محافظة، بل رمز سياسي ومناطقي ارتبط تاريخيًا بـ«الزمرة» في مواجهة «الطغمة» التي تشكل الضالع ويافع عمودها الفقري. من هنا، يصبح نقل القوات إلى أبين أداة مزدوجة:

احتواء الفصائل المشكوك بولائها، واستنزافها في بيئة صراعية معقدة، مع تحويل المحافظة إلى ساحة مفتوحة لتفجير التناقضات القبلية والاجتماعية.

بهذه الخطوة، لا ينسحب الانتقالي من الشرق بقدر ما يعيد التموضع، واضعًا أبين في قلب معركة كسر العظم مع خصومه، وممهدًا لإزاحة آخر عقبة سياسية واجتماعية أمام مشروعه الانفصالي.

باختصار.. اختيار أبين كمركز لقوات الانتقالي يعكس استراتيجية مزدوجة:

  1. مناطقية واستراتيجية: ضمان ولاء القوات المنسحبة عبر الانتماء القبلي والمحلي، وتثبيت النفوذ في مناطق كانت تشكل امتدادًا لتيار هادي.
  2. استنزاف وتفكيك الخصوم: استغلال هذه القوات في صراعات طويلة الأمد شرقًا وشماليًا، وخلق أزمات قبلية داخل أبين لتعزيز السيطرة على الجنوب بشكل عام.

وهذه الخطوة تظهر كيف يستخدم المجلس الانتقالي الإماراتي الذراع العسكري والمناطقي لتحقيق أهداف سياسية استراتيجية، مع تأكيد أن أبين لم تعد مجرد محافظة جنوبية، بل أصبحت مركزًا لتصفية النفوذ المعارض واستمرار مشروع الانفصال الجنوبي.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com