مع تآكل نفوذه جنوباً وشرقًا.. ثلاث محافظات تنتفض ضد الانتقالي وتشتبك مع فصائله.. والسعودية تحسم هدفه..!
أبين اليوم – خاص
بدأ المجلس الانتقالي الجنوبي، الموالي للإمارات، تسجيل تراجع تدريجي في نفوذه داخل المحافظات الجنوبية والشرقية، مع اتساع رقعة الرفض الشعبي لاستمراره في إدارة المشهد عبر المناورة دون حسم، ومحاولته تحقيق مكاسب سياسية وأمنية على حساب الأوضاع المعيشية والخدمية.
وشهدت ثلاث محافظات على الأقل تحولات ميدانية لافتة، عقب شروع قواها الاجتماعية في امتصاص صدمة التوغلات الأخيرة للانتقالي، والانتقال إلى مرحلة المواجهة المفتوحة معه.
وتصدّرت محافظة أبين هذا المشهد، حيث خرج أهالي مدينة زنجبار، المركز الإداري للمحافظة، في تظاهرات واسعة طالبت برحيل الانتقالي، في واحدة من أبرز مناطق النفوذ المناهضة له، كونها تُعد معقلاً تقليديًا للرئيس الأسبق عبدربه منصور هادي وتياره.

واندلعت اشتباكات بين المحتجين وقوات الانتقالي القادمة من الضالع ويافع، قبل أن تتمكن الأخيرة من إعادة السيطرة بالقوة، مستخدمة مختلف أنواع الأسلحة، وشن حملة اعتقالات واسعة طالت المئات من المشاركين.
ورغم ذلك، اعتُبرت التظاهرات مؤشراً على دخول أبين مرحلة جديدة من المواجهة، خصوصاً في ظل الانهيار الحاد في الخدمات وتدهور الأوضاع المعيشية.
وجاءت محافظة المهرة في المرتبة الثانية، حيث شهدت مناطق متفرقة احتجاجات رافضة لمشروع الانتقالي، ومطالِبة بالعودة إلى السلطنة العفريرية، في تعبير عن رفض محاولات فرض واقع سياسي وأمني جديد على المحافظة.

أما التحول الأبرز، فكان في حضرموت، سواء في الوادي أو الساحل. ففي مدينة المكلا، المعقل الأهم للانتقالي والإمارات، اندلعت اشتباكات بين الفصائل الموالية لأبوظبي ومواطنين خرجوا في تظاهرة مسائية دعماً للسلطة المحلية بقيادة المحافظ سالم الخنبشي. وأفادت مصادر محلية بأن عناصر الانتقالي لاحقوا المحتجين في شوارع المدينة.
وجاءت تظاهرة المكلا بعد ساعات فقط من ظهور عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت وقائد المقاومة في الوادي والصحراء، من قلب الهضبة النفطية، حيث هاجم الانتقالي وبشّر بقرب حسم القضية الحضرمية لصالح الحكم الذاتي والانفصال عن مشاريع الوصاية.
ورغم محاولات الانتقالي استثمار الحشود السابقة المؤيدة للانفصال في عدد من المحافظات، فإن التظاهرات المناهضة الأخيرة عُدّت رسالة قوية من الشارع الجنوبي والشرقي برفض احتكار تمثيل الجنوب، وتقليص هامش مناورته محلياً وإقليمياً، خاصة بعد فشله في تنظيم الحشد المليوني الذي كان يعوّل عليه لإعلان مشروع الانفصال.
وتشير هذه التطورات إلى دخول المحافظات الجنوبية والشرقية مرحلة جديدة من المقاومة الشعبية، قد تطيح بالمجلس الانتقالي في معاقله، في ظل الأزمات المتراكمة وفشله في تأمين الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.
وفي السياق ذاته، خففت السعودية من حدة الخطاب الانفصالي الذي روّج له الانتقالي، حيث قال بدر القحطاني، المسؤول في صحيفة الشرق الأوسط، إن الفوضى الجارية في الشرق تهدف بالأساس إلى نهب الموارد والسيطرة على الحقول النفطية من قبل الفصائل المدعومة إماراتياً، مع تجاهل كامل لمعاناة المواطنين.
تحليل:
تكشف موجة الاحتجاجات الأخيرة أن المجلس الانتقالي دخل مرحلة استنزاف سياسي واجتماعي خطيرة، بعدما انتقلت معارضته من النخب والخصوم السياسيين إلى الشارع نفسه، بما في ذلك مناطق كان يُفترض أنها حاضنته الصلبة.
فالتظاهرات في أبين والمكلا والمهرة لا تعكس مجرد غضب معيشي، بل رفضاً صريحاً لمحاولات فرض مشروع سياسي بالقوة واحتكار تمثيل الجنوب.
الأخطر أن هذا التآكل يتزامن مع انكشاف المشروع الانفصالي إقليمياً، وتراجع الغطاء السعودي عنه، ما يضع الانتقالي أمام معادلة صعبة: إما الانزلاق نحو مزيد من القمع مع كلفة شعبية متصاعدة، أو فقدان زمام المبادرة لصالح قوى محلية وقبلية تعيد رسم المشهد من خارج معادلاته.
وفي كلتا الحالتين، يبدو أن الجنوب والشرق دخلا طوراً جديداً تتراجع فيه قدرة السلاح على تعويض غياب الشرعية الشعبية.