“المهرة وسقطرى” الاحتلال يدمر الديمغرافيا ويجتث الهوية
تقرير / مها موسى
لا يخفى على المتابع للمشهد الجنوبي محاولات دولتي السعودية والامارات للسيطرة على الأراضي اليمنية ذات الأهمية الجيوسياسية , في طليعتها محافظتي المهرة وسقطرى نتيجة موقعهما الجغرافي الهام في المنطقة
بدأت تلك المحاولات بدعوى العمل الانساني وانتهت بوجودهما كإحتلال ينفذان اجندات خاصة بأساليب ممنهجة من بينها التوطين والتجنيس والقمع والتهجير والتضييق على المواطنين , وهو واقع يرفضه ابناء محافظتي المهرة وسقطرى , ويعملان على تغييره بمختلف الوسائل .

مزيداً من التفاصيل حول هذه الموضوع نوردها في هذا التقرير .
أعلنت السعودية وشريكتها الأولى الإمارات عند تشكيل ما عرف ” بالتحالف العربي لإستعادة الشرعية في اليمن” في مارس 2015م عن مجموعة من الأهداف التي توحي وللوهلة الأولى بحرص كلا الدولتين على أمن ووحدة اليمن واستقراره , إلا أن الأيام سرعان ما كشفت عن الهدف الحقيقي من هذا التدخل , فبعيدا عما ادعتاه من اهداف فسلوكهما على أرض الواقع كشف مآرب كامنة تمثلت بالسيطرة على مكامن الثروة والمناطق ذات الأهمية الجيوسياسة في اليمن , وحرصهما كدول تابعة للكيان الصهيوني وبريطانيا والولايات المتحدة أن يكون لهما موطئ قدم في اليمن مستقبلاً يضمن عدم تملكه للقرار السيادي ، وهو ما يتضح من خلال ما تقوم به القوات التابعة للدولتين في المناطق الخاضعة لسيطرتهما , لا سيما ما تقوم به القوات التابعة لهما في محافظتي سقطرى والمهرة واللتان كانتا تنعما باستقرار نسبي إلى وقت قريب , ناهيك عن عدم تواجد القوات الوطنية المناوئة للوجود السعودي الإمارتي فيهما ( الجيش واللجان الشعبية ) ما يجعل من نشاط القوات السعودية والإمارتية القائم على التوسع والسيطرة واضح الأهداف وغير مبرر إذ أنه ما من قوات “انقلابية حوثية” _ كما تسميها_ دول تحالف العدوان متواجدة هناك لتدعي محاربتها
المهرة وسقطرى مواقع استراتيجية وثروات طبيعية نادرة
تعتبر محافظة سقطرى والتي هي عبارة عن أرخبيل من ست جزر شرق خليج عدن ( كانت إلى العام 2013م إداريا تابعة لمحافظة حضرموت) من المناطق الجيوسياسية الهامة على مستوى اليمن والمنطقة والعالم نظرا لموقعها الجغرافي الهام ,حيث تعد نقطة التقاء المحيط الهندي ببحر العرب مما مكنها من السيطرة على الملاحة البحرية ومراقبتها للدول المطلة على بحر العرب وخليج عدن والمحيط الهندي منها إيران التي تمثل بالنسبة للسعودية عدو تاريخي على مستوى المنطقة وكذا باكستان وماليزيا اللتان لهما موقف مضاد للمملكة تجاه القضايا الدولية وبالأخص القضية الفلسطينية .

بالإضافة الى الثروة الطبيعية التي تتمتع بها , حيث تعد المحافظة من المناطق البكر الزاخرة بالثروات التي لم تستغل بعد , كما تتميز سقطرى ببيئة طبيعية استثنائية ونادرة سواء من حيث التنوع النباتي او الحيواني وغيره وهو ما يجعلها موضع أطماع بالنسبة للدول المعادية لمحور المقاومة .
كما لا تقل محافظة المهرة أهمية عن محافظة سقطرى إذ تعتبر ثاني أكبر محافظة يمنية من حيث المساحة بعد حضرموت وتتمتع بموقع جيوسياسي فريد من نوعه , حيث تقع في اقصى شرقي البلاد ويحدها من الشرق عمان ومن الشمال السعودية ومن الغرب محافظة حضرموت ومن الجنوب بحر العرب , ولها شريط ساحلي يبلغ طوله 560 كيلو متر, كما أنها غنية بالثروات الطبيعية بما فيها الثروات النفطية ، الا ان هذه الثروة النفطية الموجودة في المهرة تعتبر اقل بكثير مما تنعم به محافظات اخرى كحضرموت وشبوة , مما يؤكد ان سعي السعودية للسيطرة على هذه المحافظة ليس بدافع اقتصادي فقط وانما استخباراتي تجسسي بالدرجة الاولى , ولعل إقدام القوى الاستعمارية بالسيطرة على هاتين المحافظتين تاريخيا كان بمثابة دليل على ذلك ، فلا يمكن لأي قوة استعمارية تسعى لمد نفوذها في اليمن والجزيرة العربية ككل أن تتجاهل أهمية السيطرة عليهما.

محافظتي المهرة وسقطرى بين ماضي التهميش وحاضر الاستقطاب
على الرغم من الاهمية الاستراتيجية التي تتميز بها كلا من المهرة وسقطرى الا انهما تعرضتا للتهميش من قبل مراكز الحكم في اليمن خلال العقود الماضية لا سيما بعد الوحدة, وكانتا من أشد المناطق عزلة في اليمن وهو ما جعل سكانها يعانون من تدني مستوى الخدمات في مختلف المجالات وتدني مستوى المعيشة مما دفع بمواطنين من المحافظتين إلى السعي لاكتساب جنسيات دول خليجية ليتمكنوا من تحسين أوضاعهم المعيشية .
هكذا كان الحال في الماضي , اما اليوم فتتعرض محافظتي سقطرى والمهرة لاستهداف ممنهج من قبل قوى تحالف العدوان في اليمن ممثلة بالسعودية والإمارات يدخلها في إتون صراع كانت بمنأى عنه يسعى لتغيير معالم المحافظتين والتركيبة السكانية فيها.
كما تعيش المحافظتين محاولات استقطاب مختلفة فمن جهة تسعى كلا من السعودية و الإمارات للسيطرة عليهما , ومن جهة ثانية تسعى سلطنة عمان للحفاظ على علاقاتها بهما خاصة المهرة التي تعتبرها امتداد طبيعي لمحيط امنها القومي بالتالي تناهض وجود أي قوى أجنبية أخرى فيها ما يجعل سكان المحافظتين ضحية لهذا الاستقطاب الذي يهدد بالانقسام المجتمعي فيهما وهو ما تعززه وتسعى له القوى السعودية والإماراتية .
جهود سعودية اماراتية لتحويل محافظتي المهرة و سقطرى لقواعد عسكرية استخباراتية
تسعى كلا من السعودية والإمارات لجعل المهرة وسقطرى قواعد عسكرية استخباراتية حيث تعملان على استقدام أفراد من خارج المحافظتين وتوطينهم وتوليتهم مناصب مهمة مكنتهم من إدارة شؤون المحافظتين بما يخدم مصالح الإمارات والسعودية وبما يعزز الدعوات الإنفصالية .
تعود بداية مساعي تقاسم النفوذ والمكاسب في المهرة وسقطرى بين السعودية والامارات للعام 2017م حيث ركزت السعودية بشكل رئيسي على محافظة المهرة وبشكل أقل على محافظة سقطرى والعكس بالنسبة للأمارات
