سباق نفوذ مفتوح: اليمن والسودان في قلب صدام سعودي – إماراتي يهدد بانهيار إقليمي..!

5٬900

أبين اليوم – خاص 

سعّرت الإمارات والسعودية، سباقهما للسيطرة على موارد دول المنطقة، في مشهد ينذر باضطراب واسع ويثير مخاوف إقليمية من انهيار شامل، بينما تكتفي القوى الدولية بالمراقبة من بعيد دون تدخل فعلي.

وتبرز ساحتا اليمن والسودان كنقطتي الاشتعال الرئيسيتين، إذ تحتدم فيهما المعارك على مناطق النفط والمواقع الاستراتيجية.

في اليمن، بلغ التصعيد ذروته في حضرموت، المحافظة ذات الثقل الاقتصادي والموقع الجيوسياسي المهم بمحاذاتها للسعودية وإطلالتها على بحر العرب وخليج عدن.

وتتركز المواجهة حاليًا في هضبة النفط، آخر معاقل النفوذ السعودي ورمز عمقها القومي شرق اليمن، حيث تدفع الإمارات بكامل قوتها لإسقاطها، بينما تسعى السعودية لإبعاد المعركة عن حدودها الحساسة.

وترتبط شرارة هذا التصعيد بخلافات أوسع بين الطرفين، فالصراع في اليمن بات جزءًا من سلسلة صدامات إقليمية تمتد إلى السودان. إذ أعادت الإمارات تفعيل ملف حضرموت للضغط على الرياض ودفعها إلى خيارين: التسليم بترتيبات نفوذ جديدة أو مواجهة أزمة إقليمية مضاعفة.

وفي السودان، تتمحور المعركة حول محاولات الإمارات تحييد الجيش السوداني المحسوب على السعودية، عبر تحركات سياسية وعسكرية متوازية؛ من بينها الضغط لتصنيف الجيش على قائمة الإرهاب الأمريكية باعتباره “إخوانيًا”، بالتزامن مع تعزيز نفوذ قوات “الدعم السريع” على الأرض.

في المقابل، تدفع السعودية بثقلها للحفاظ على نفوذها وقطع الطريق على التحركات الإماراتية، خصوصًا في مناطق الثروات والمنافذ البحرية على البحر الأحمر. وقد ظهر ذلك جليًا في زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن، حيث خصص مساحة واسعة للضغط من أجل تدخل أمريكي يحدّ من تمدد أبوظبي.

هذا التصعيد المتلاحق أثار تحذيرات إقليمية من انهيار شامل، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي صراحةً، مطالبًا عبر “منتدى أوسلو” بتفعيل ثلاث أدوات لمواجهة الصراعات المتسارعة، أهمها إدانة التدخلات الخارجية التي تأخذ أشكالًا متعددة كتغذية الانقسامات، أو دعم مجموعات مسلحة، أو التدخل المباشر كما يحدث في اليمن والسودان وسوريا.

وبينما تحاول سلطنة عمان فتح مسار للتسويات، تبقى القوى الدولية الأخرى في موقع المتفرّج، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي يطلب منها الطرفان التدخل في معركتي اليمن والسودان.

وقد لجأت واشنطن إلى تجنب الحسم عبر تحويل قرار تصنيف “الإخوان” إلى ملفات أقل حساسية (مثل مصر ولبنان والأردن)، بينما أبقت الحركات المرتبطة بالسودان واليمن قيد الانتظار نظرًا لارتباطها المباشر بالسعودية واحتمال أن يتحدد مصيرها وفق نتائج الصراع السعودي–الإماراتي.

أما الاتحاد الأوروبي فيبدو منقسمًا؛ فهو يحاول تهدئة الأزمة اليمنية عبر مقترحات لتقاسم السلطة في حضرموت، بؤرة الصراع الحالية، بينما يتماشى مع موقف السعودية في السودان عبر فرض عقوبات على قوات الدعم السريع الموالية للإمارات.

وتُظهر التطورات في اليمن والسودان أن التنافس السعودي – الإماراتي لم يعد مجرد تباين في التكتيكات، بل صراع استراتيجي على شكل النظام الإقليمي الجديد. فكلٌ منهما يسعى لإعادة رسم خرائط النفوذ في المناطق الغنية بالثروات والممرات الحيوية، وهو ما سيحدد مستقبل ميزان القوى في الخليج والبحر الأحمر والقرن الأفريقي.

ومع غياب تدخل دولي جاد، واقتصار الجهود على تحركات شكلية، تبدو المنطقة أمام لحظة إعادة تشكّل خطيرة، قد تنقل الصراع من ساحات بالوكالة إلى مواجهات مباشرة أو أزمات مستعصية تمتد تداعياتها لسنوات.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com