“تقرير خاص“| تمردٌ جديد في عدن: ظهور “المقاومة الوطنية الجنوبية” يربك الانتقالي ويكشف خارطة تحالفات مضادة..!

7٬994

أبين اليوم – خاص 

تشهد الساحة الجنوبية في اليمن واحدة من أكثر اللحظات حساسية منذ سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن عام 2019. فبين تصاعد الغضب الشعبي وتنامي الصراع داخل معسكر القوى المدعومة من التحالف، برز لاعب جديد يحمل مشروعًا مناقضًا بالكامل للنفوذ الإماراتي.

ظهور أمجد خالد، قائد “المقاومة الوطنية الجنوبية”، ترافق مع استنفار أمني غير مسبوق وتحركات مكثفة في عدن، ما يشير إلى تحولات قد تعيد رسم المشهد السياسي والجغرافي والعسكري في الجنوب.

التطورات الأخيرة تكشف بوضوح أن الاحتقان المتراكم انفجر لحظة خروج تيار جديد يتبنى خطابًا مختلفًا، ويعلن ولادة تحالفات تبدو صادمة للمشهد التقليدي الذي حاولت أبوظبي والانتقالي ترسيخه خلال السنوات الماضية.

أولًا: ارتباك سياسي في المجلس الانتقالي واستنفار عسكري في عدن:

عمّت حالة من الارتباك داخل المجلس الانتقالي، الثلاثاء، بالتزامن مع تداول مقطع مصوَّر لأمجد خالد يتحدث فيه عن “تحالف جديد” مع صنعاء.
الأمانة العامة للمجلس عقدت اجتماعًا خصصته لمناقشة ما سمّته “هجمات الحوثيين”، في محاولة لإظهار موقف سياسي صلب، يُقرأ على أنه محاولة استباقية لاحتواء صدمة ظهور التيار الجديد.

ميدانيًا، دفعت فصائل الانتقالي بعشرات الأطقم والعربات المدرعة إلى شمال عدن، حيث نُفذت حملات تفتيش واسعة في مناطق البساتين ودار سعد والمزارع المتاخمة للحدود مع لحج.
هذا الانتشار غير مسبوق منذ العام 2019، ويؤشر إلى خشية جدّية من تحرك عسكري منظم داخل مناطق النفوذ التقليدية للمجلس.

ثانيًا: ظهور أمجد خالد.. خطاب تصعيدي وتحالفات غير متوقعة:

ظهر أمجد خالد، قائد “لواء النقل” السابق، في فيديو يمتد لنحو 19 دقيقة، معلنًا بشكل صريح:

1. اتفاق مع صنعاء:

قال خالد إن تياره الجديد توصّل إلى اتفاق مع صنعاء لدعمه بالسلاح والعتاد لتحرير المحافظات الجنوبية من “الاحتلال الجديد”، حد تعبيره.

2. تبرير التحالف:

  • دافع خالد عن تنسيقاته مع أنصار الله، مؤكدًا أن تحالفه ليس استثناءً، بل مشابه لتحالفات:
    – قوات طارق صالح
    – حزب الإصلاح
    – فصائل الحراك الجنوبي

وهي تحالفات جرت في مراحل سابقة وفق معادلات الميدان.

3. تنفيذ عمليات ضد نفوذ الإمارات:

حدد التيار هدفه الرئيسي بـ تحرير عدن، مع التركيز على المواقع والمنشآت التابعة للإمارات.
هذا الإعلان شكّل تغيرًا جذريًا في الخطاب الجنوبي المناهض للإمارات.

4. توصيف الوضع في عدن:

استعرض خالد ما تعيشه المدينة من انهيار اقتصادي وخدمي وأمني منذ سيطرة الانتقالي والتحالف، معتبرًا أن “عدن أصبحت نموذجًا للفوضى والفساد”.

ثالثًا: ردود فعل الانتقالي مرتبكة ومحاولات إسكات التيار الجديد:

لم ينتظر المجلس الانتقالي كثيرًا قبل الرد على أمجد خالد، لكن ردّه كان أمنيًا وإعلاميًا بالدرجة الأولى:

1. حملات مداهمة وتمشيط:

استهدفت مناطق تعتبر حاضنة لتيار خالد سابقًا (مواقع لواء النقل). ويشير توقيت هذه الحملات إلى مخاوف من اختراق داخل البنية الأمنية للانتقالي.

2. حرب إعلامية وشخصية:

قامت منصات موالية للإمارات بتسريب مقاطع خاصة من حياة خالد العائلية، واعتقال طليقته، في محاولة لإرباكه وتشويه صورته.

3. اتهامات بمخططات اغتيال:

أفادت مصادر بأن الانتقالي أطلق تحذيرات داخلية من استهداف محتمل لقادته على يد عناصر محسوبة على “المقاومة الوطنية الجنوبية”.

وسائل الانتقالي توحي بأن التيار الجديد يُنظر إليه كتهديد وجودي لا يمكن تجاهله.

رابعًا: دلالات المشهد الجديد.. ما الذي يتغير؟

1. تفكك متسارع داخل المعسكر الجنوبي:

ظهور تيار مسلح مناوئ للانتقالي يؤكد أن الجنوب لم يعد كتلة واحدة، وأن حالة الإقصاء التي اتبعها الانتقالي أنتجت حواضن سياسية جديدة.

2. فشل استراتيجية الإمارات في الاحتواء:

على الرغم من محاولات أبوظبي تفكيك التيار الجديد قبل ظهوره، فإن اتساع دائرة التأييد الشعبي للمقاومة الجديدة ظهر بوضوح بعد نشر خطاب خالد.

3. دخول صنعاء على خط الجنوب:

اتفاق خالد مع صنعاء يشير إلى أن أنصار الله باتوا يوسعون نفوذهم السياسي جنوبًا، عبر دعم تيارات ناقمة على هيمنة المجلس الانتقالي والتحالف.

4. انتقال الصراع من “سيطرة على الأرض” إلى “صراع على الشرعية الشعبية”:

الانتقالي أصبح يواجه خصومًا من الداخل، وليس فقط من القوى التي يناصبها العداء تقليديًا مثل الشرعية السابقة.

وعليه يمكن القول:

ما يجري في عدن ليس حادثًا عابرًا، بل مؤشر لتحول عميق في المشهد الجنوبي. دخول “المقاومة الوطنية الجنوبية” بقيادة أمجد خالد على خط الأحداث قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع متعدد الأقطاب داخل الجنوب، خصوصًا مع دعم واضح من صنعاء وتنامي السخط الشعبي ضد المجلس الانتقالي.

الاستنفار العسكري، والارتباك السياسي، وحملات التشويه، جميعها تعكس حجم المخاوف التي يعيشها الانتقالي من انزلاق المشهد نحو تفكك داخلي غير مسبوق.

وفي حال توسع التيار الجديد أو نجح في جذب كتلة عسكرية مناوئة، فقد يشهد الجنوب إعادة رسم كاملة لخارطة النفوذ، تتجاوز ما خططت له أبوظبي والرياض خلال السنوات الماضية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com