“القاهرة“| تحذير مصري حاد من انزلاق الانتقالي نحو أحضان كيان الاحتلال: تداعيات خطيرة على الأمن العربي والبحر الأحمر..!
أبين اليوم – خاص
وجّهت مصر، الأربعاء، أقوى تهديد سياسي وإعلامي للفصائل الموالية للإمارات شرقي اليمن، في مؤشر واضح على تصاعد المخاوف الإقليمية من اندفاع المجلس الانتقالي الجنوبي نحو تحالفات تُربك أمن المنطقة، وعلى رأسها التقارب مع الاحتلال الإسرائيلي.
وخصصت وسائل إعلام مصرية رسمية مساحة بارزة للتحذير مما يجري في شرق اليمن، وتصدّرت صحيفة الأهرام—لسان حال الدولة المصرية—المشهد بمقال افتتاحي عريض في صدر صفحتها الأولى، هاجمت فيه المجلس الانتقالي، متهمة إياه بالسعي لتمزيق اليمن ونشر الفوضى.
واعتبرت الصحيفة أن سيطرة الفصائل “الانفصالية” على مناطق شرقي اليمن تمثل جرس إنذار خطير يهدد أمن دول الجوار، بما فيها دول الخليج ومصر، وينعكس سلبًا على أمن البحر الأحمر وحركة الملاحة الدولية.
ودعت الأهرام إلى تدخل عربي عاجل لوقف ما وصفته بالانقلاب على وحدة اليمن، وإعادة إطلاق حوار وطني شامل بين جميع الأطراف اليمنية، مع التأكيد على تأجيل أي نقاشات تتعلق بمستقبل الجنوب إلى ما بعد التوصل إلى حل شامل يعيد بناء دولة يمنية كاملة السيادة.
وتُعد مصر ثاني دولة عربية من خارج دائرة أدوات الصراع الخليجي المباشر (السعودية والإمارات) تُعلن موقفًا صريحًا ضد الفصائل الإماراتية في اليمن، بعد الأردن الذي سبق أن دفع بتعزيزات عسكرية لدعم الفصائل الموالية للرياض والمناهضة للانتقالي في الشرق.
وتعكس هذه المواقف تنامي القلق العربي، خصوصًا لدى الدول المطلة على البحر الأحمر وخطوط الملاحة الاستراتيجية، من المسار الذي تدفع به الفصائل المدعومة إماراتيًا في اليمن، في ظل استعانتها بالاحتلال الإسرائيلي المتربص بأمن المنطقة، ولا سيما الدول المناهضة لمشاريعه التوسعية.
تحليل:
التحذير المصري لا يمكن قراءته كموقف إعلامي عابر أو مجاملة دبلوماسية، بل كإنذار استراتيجي صريح بأن ما يجري في شرق وجنوب اليمن تجاوز الخطوط الحمراء للأمن القومي العربي.
فاندفاع المجلس الانتقالي نحو التموضع في الفلك الإسرائيلي لا يهدد اليمن وحده، بل يفتح ثغرة خطيرة في خاصرة البحر الأحمر وباب المندب، ويحوّل الجغرافيا اليمنية إلى منصة اختراق تخدم مشاريع الهيمنة لا تطلعات الشعوب.
الأخطر أن هذا المسار، إذا تُرك دون ردع عربي حاسم، سيؤسس لسابقة تفكيكية تُغري قوى أخرى بإعادة رسم الخرائط بالقوة والوكالة.
من هنا، فإن صمت بعض العواصم لم يعد حيادًا، بل تواطؤًا مكلفًا، بينما يصبح كبح هذا الانزلاق مسؤولية عربية جماعية، قبل أن تتحول الفوضى اليمنية إلى تهديد دائم للملاحة الدولية، وأداة ابتزاز جيوسياسي تطال الجميع بلا استثناء.
كما يمثل الموقف المصري تحوّلًا نوعيًا في التعاطي العربي مع ما يجري في شرق اليمن، إذ لم يعد يُنظر إلى تحركات الانتقالي بوصفها شأناً داخليًا أو خلافًا يمنيًا–يمنيًا، بل كتهديد مباشر للأمن القومي العربي والممرات البحرية الحيوية.
دخول القاهرة على خط التحذير العلني يعكس خشية حقيقية من أن يتحول شرق اليمن إلى منصة نفوذ إقليمي–دولي خارج السيطرة، تُستخدم لإعادة رسم خرائط النفوذ في البحر الأحمر وباب المندب.
كما أن تلاقي الموقفين المصري والأردني يشي بتشكّل إدراك عربي أوسع بأن الصراع لم يعد محصورًا بين وكلاء محليين، بل بات جزءًا من معركة كبرى على الجغرافيا والسيادة والملاحة.
وفي هذا السياق، فإن أي تجاهل لهذه التحذيرات قد يفتح الباب أمام تدويل أخطر للأزمة اليمنية، تكون كلفته باهظة على اليمن والمنطقة معًا.