إسرائيل شريكاً علنياً في الحرب على اليمن: موانع “التخفّي“ تتلاشى..“تقرير“..!
أبين اليوم – تقارير
تقرير/ لقمان عبدالله
تقلّصت الموانع لخروج المشاركَة الإسرائيلية في الحرب على اليمن إلى العلن، مع دخول الدول المشاركِة في العدوان، وعلى رأسها الإمارات، في التطبيع العلني مع تل أبيب. وإن كانت هذه الأخيرة تتفادى في السابق إحراج الرياض، إلّا أن استصراح الناطق باسم جيشها، عبر منصّة إعلاميّة سعودية، بدا كافياً لرصد التحوّلات المرتقبة.
اكتسبت الحرب على اليمن، في الآونة الأخيرة، أبعاداً إقليمية أكثر خطورة ممّا أظهرته سابقاً. تجلّى ذلك بوضوح في تفاقم التهديدات المحدقة بالأمن البحري في بحر العرب والبحر الأحمر، فضلاً عن تطوّر المنظومات الصاروخية والجوّية لدى اليمنيين.
وعلى رغم أن الأخيرين لم يتبنّوا عمليات الاستهداف التي تعرّضت لها السفن المتوجهة إلى الموانئ السعودية أو الخارجة منها، إلا أن تلك العمليات لا يزال يُنظر إليها على أنها إحدى تبعات التصعيد في هذه المنطقة، والذي تجاوَز الخطوط الحمر المعمول بها منذ عقود.
إزاء ذلك، تراقب إسرائيل الوضع عن كثب بحسب المسؤولين فيها، وخصوصاً أنها ترى نفسها معنيّة وشريكة في المنظومة العسكرية الموجودة في البحر الأحمر، ولاحقاً في الحرب على اليمن بعدما فشل النظام السعودي في تحقيق الأهداف المرسومة لها، الأمر الذي قد يفرض على تل أبيب التدخّل في الحرب بزعم المقتضيات الأمنية التي تأخذ تطوّر المنظومة الصاروخية والطائرات المُسيّرة اليمنية في الحسبان.
تدرك إسرائيل أن أطراف محور المقاومة يتعاضدون في ما بينهم انطلاقاً من أن كلّاً منهم يؤثّر على الآخر، وانطلاقاً أيضاً من أن الأميركيين وحلفاءهم يقاتلونهم كافة، ما يوجب عليهم التصدّي الجماعي، كلّ بحسب ساحته وظروفه وإمكاناته.
بناءً عليه، يبدو أن مشاركة الكيان العبري في الحرب على اليمن ستخرج في الأيام المقبلة من الظلّ إلى العلن، مدفوعةً بتراجع الموانع التي كانت تحول دون هذا الإشهار، في مقابل بروز عوامل أخرى تُشجّعه، من أبرزها دخول الدول المشاركة في الحرب في التطبيع العلني مع تل أبيب.
ومن هنا، لا يبدو مصادفة أن يُسجّل الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي، عبر منصّة إعلامية سعودية، موقفاً معادياً لمحور المقاومة بشكل عام، واليمن والعراق بشكل خاص.
يوم السبت الفائت، وفي حديث إلى موقع “إيلاف” السعودي، قال هيداي زيلبرمان، المتحدّث بلسان جيش العدو، إن بلاده تراقب تحرّكات إيران في المنطقة، متوقّعاً أن يأتي الخطر على إسرائيل من العراق واليمن، لافتاً إلى أن “لدينا معلومات عن أن إيران تُطوّر هناك طائرات مسيّرة وصواريخ ذكية تستطيع الوصول إلى إسرائيل”.
وأوضح زيلبرمان أن قائد الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، عندما تحدّث عن “الدائرة الثانية” من الدول، في معرض تهديداته لإيران، كان يقصد اليمن والعراق مِن بَعد “الدائرة الأولى” المُتمثّلة في لبنان وسوريا، مشيراً إلى أن إيران كانت قد هاجمت منشآت “أرامكو” السعودية في أيلول/ سبتمبر 2019 من اليمن والعراق، مستخدمةً عشرات الطائرات المُسيّرة والصواريخ المُوجّهة عن بعد من دون أن يكشفها أحد، “وهذا يدلّ على قدرة إيرانية كبيرة في هذا المجال”.
وتُمثّل الضربة التي تحدّث عنها زيلبرمان إحدى أبرز المحطّات العملانية العسكرية التي شَكّلت نقطة تحوّل في قدرات محور المقاومة، ومن ضمنه اليمن. إذ إنها أظهرت قدرة هذا المحور على مفاجأة إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية اللتين تترصّدان المنطقة بأكملها، بعدما باغتتهما من حيث الدقة والإدارة وحسن التنفيذ والقدرة على اختراق المنظومات الدفاعية الحديثة التي تُشغَّل مباشرة من قِبَل الأميركيين وشركاء غربيين آخرين.
مذّاك، اشتدّ اللون الأحمر في الإنذار الاستراتيجي إزاء تطوّر الوضع في اليمن، وترتّبت عليه أعباء إضافية في كلّ تقدير مستقبلي لقيادة العدو، التي ستضطر، في أيّ محطّة قادمة، إلى استعدادات عملانية تأخذ الوضع المستجدّ في اليمن بالحسبان، وخصوصاً مع وجود عناصر النيّة والإرادة والقدرة على المواجهة لدى اليمنيين.
تدرك القيادتان السياسية والأمنية في الكيان العبري أن عداء الشعب اليمني وقواه الحيّة لإسرائيل ليس عداءً سياسياً ظرفياً أو مرحلياً، بل هو عداء له جذور تاريخية وأيديولوجية، وأن فكرة استئصال إسرائيل وإعادة أرض فلسطين إلى أهلها تُعدّ بالنسبة إلى اليمنيين واجباً دينياً وقومياً ووطنياً غير قابل للمساومة في بازار التسويات السياسية أو الصفقات المشبوهة.
وما إطلاق شعار “الصرخة” المعادي لإسرائيل والغرب والولايات المتحدة سوى اشتقاق من تلك القواعد المبدئية. على أن الخطر الرئيس بالنسبة إلى الكيان العبري لا يأتي من حالة العداء تلك، على أهمّيتها، وإنّما من تراكم الخبرات العملياتية لدى اليمنيين، ومن امتلاكهم القدرات النوعية المستمرّة في مسار تصاعدي، لتحقيق مستوى يضاف إلى ميزان الردع الاستراتيجي مع العدو.
ومنذ بدء العدوان السعودي على اليمن، لم يُرصَد أيّ تحرّك إسرائيلي علني في هذه الحرب، باستثناء التعاون الاستخباري مع دول العدوان، علماً بأن إسرائيل موجودة في البحر الأحمر ولها قواعد عسكرية في إريتريا وجيبوتي والقرن الأفريقي عموماً.
والأرجح أن هذا الغياب كان يستهدف تفادي إحراج السعودية وبقية دول العدوان، وخصوصاً أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين مشاركون بفعالية في الحرب على نحوٍ يغني عن المشاركة الإسرائيلية المباشرة فيها.
على أن انتقال اليمن من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم منذ أكثر من عام ولّد تحوّلاً دراماتيكياً من حيث الكشف عن هشاشة الترسانة العسكرية لدى السعودية، وكذلك حلفائها الذين ظهروا عاجزين عن الصمود أمام اندفاعة صنعاء في تحرير الأراضي المحتلّة من جهة، واستهداف العمق السعودي الذي بلغ ذروته في “ضربة أرامكو” منتصف عام 2019 من جهة أخرى.
وهي ضربةٌ خضعت في الدوائر الإسرائيلية السياسية والاستخبارية للنقاش مُطوّلاً، واعتُبرت إنذارَ خطَر على الكيان. ومن حينها، يُركّز الإعلام الإسرائيلي على أن مثل تلك العملية يمكن أن تتكرّر ضدّ أي هدف في إسرائيل، وخصوصاً ميناء حيفا.
وهذا ما أكّده زيلبرمان بالقول إن العملية قد تتكرّر ضدّ الكيان من المواقع نفسها، ولذلك عين تل أبيب على اليمن والعراق.
صنعاء: أيّ تهوّر سيقابَل بردّ مؤلم:
اتّهم مصدر مسؤول في وزارة الخارجية في صنعاء، إسرائيل، بالسعي إلى اختلاق الذرائع لأعمال عدائية ضدّ اليمن، تشجيعاً لفرص تطبيع فاشلة مع مرشّحين جدد، محذّراً من أن أيّ عمل متهوّر في المنطقة سيشعل حرباً شاملة ستكون إسرائيل أوّل من يخسرها.
وأكد أن اليمن سيردّ بقوة علي أيّ اعتداءات إسرائيلية، وأن أيّ مصالح للكيان الصهيوني أو شركائه في البحر الأحمر ستكون هدفاً مشروعاً. وكان نائب رئيس حكومة الإنقاذ لشؤون الدفاع والأمن، اللواء جلال الرويشان، قد رأى أن تصريحات إسرائيل حول اليمن تستهدف “طمأنة الدول المُطبّعة لا أكثر”، مُحذّراً من أنه “إذا اشتعلت جبهة البحر الأحمر فالتصعيد سيكون كبيراً”.
وأشار عضو “المجلس السياسي الأعلى”، محمد صالح النعيمي، من جهته، إلى أن التدخل الإسرائيلي والأميركي في اليمن واضح منذ اليوم الأول للعدوان، متوقّعاً انتقال الدور الإسرائيلي إلى العلن بعد موجة التطبيع الأخيرة، جازماً بأن الشعب اليمني قادر على تلقين العدو دروساً لن ينساها.
المصدر: صحيفة الأخبار