إيران التي لم نعهد..!

4٬807

أبين اليوم – مقالات 

بقلم/  محمد الشينه

للمرة الأولى أرى إيران -كدولة ومؤسسات- بهذا المستوى من الارتباك والتلبك والتشتت وذلك بمجرد انتشار خبر فقدان مروحية الرئيس رئيسي وانقطاع أخبارها في ظروف غامضة.

ساعات طويلة من التخبط في التصريحات المتناقضة من أكثر من مصدر سواء وكالات الأنباء إرينا – تسنيم – وغيرها.. أو المؤسسات الرسمية مثل جهاز المخابرات.. الذي كان أول المصرحين بأن الطائرة “سقطت” ولم يقل (هبطت اضطرارياً) في بيانه.

ثانياً.. حالة الضعف والعجز الإنقاذي/الإسعافي والهشاشة التكنولوجية المفاجئة لدولة بحجم إيران تمتلك قوة جوفضائية.. هذه الهشاشة لم تتجسد فقط في قدم طراز مروحية رئيسي.. وإنما كذلك في أنظمة الرصد والتتبع لمروحيته لاسلكياً وحرارياً ورادارياً وغير ذلك..

إلى أن صرحت هيئة أركان الجيش الإيراني متأخراً ومتأخراً جداً (يوم الأربعاء أي بعد ثلاثة أيام على الحادثة) بأن القوات الإيرانية تمتلك المُسيَّرة “سار” ذات نظام الرصد والتتبع الفائق.. وأن المُسيَّرة التركية لم تؤد الغرض رغم امتلاكها أجهزة مسح حراري إلا أنها لم تكن مزودة بأجهزة رصد ما تحت الغيوم.. وأن المسيرة الإيرانية “سار” تأخرت في هذه المهمة لأنها كانت في مهمة بعيدة شمال المحيط الهندي..

عجيب..! وكأن الجمهورية الإسلامية بأكملها لا تمتلك سوى مُسيَّرة واحدة من هذا النوع..!

كلما ظهرت بعض التفسيرات والتبريرات لِما حصل كلما زاد الأمر سوءاً وفداحة للأسف الشديــد.

برأيي الشخصي من الواضح جداً أنه صراع أجنحة للأسف الشديد.. لكن أسأل الله أن يُسمِعَنا كل خير عن إيران.. فهي خط الدفاع الأول والحصن الحصين للمقاومة الإسلامية في وجه الكيان الصهيوني والهيمنة الأمريكية والاستكبار العالمي.

فهذا التخبط لم يكن ليحدث مطلقاً لو كان الأمر عملية اغتيال مدبرة من إسرائيل أو الغرب.. فإيران دولة شجاعة وقوية وقد بنت نفسها دائماً على المواجهة والمواجهة العسكرية تحديداً.

فهي تمتلك من الشجاعة لتعترف بأن العملية مدبرة وستصرح ساعتها “أنه بمجرد استكمال التحريات في هذه الواقعة سنعلن عن هوية الجهة المنفذة والتي سيطالها انتقامنا العظيم الأليم”.

وإذا كانت الواقعة حقاً (قضاء وقدر) وليس فيها أي ملابسات أو شبهات.. فإيران أيضاً دولة شجاعة بل ومؤمنة بقضاء الله وستعلن ذلك على مرحلتين بالكثير -مراعاة لمشاعر الشعب- بينهما وقت قصير جداً.

الخبر الأول: “أنباء عن فقدان الاتصال بمروحية رئيس الجمهورية شمال تبريز بسبب الظروف المناخية الصعبة” .

والخبر الأخير بعده على الأكثر بساعتين: “الجمهورية الإسلامية تنعي رئيسها ووزير خارجيته إثر سقوط مروحيتهم شمال تبريز بسبب فقدان السيطرة عليها نتيجة حالة الطقس السيئة التي تسببت بأعطال مفاجئة في المروحية ما أدى إلى عدم قدرة طاقمها على السيطرة عليها فارتطمت بأحد مرتفعات المنطقة هناك” .. وصلى الله وبارك ..

يعني ما كانت لِتَحدث كل هذه الجلبة والتخبط في التصريحات المتناقضة من مؤسسات الدولة الرسمية كوكالة الأنباء الرسمية إيرنا وجهاز المخابرات الإيراني.. ووكالات الأنباء الأخرى.

التي جميعها تضاربت أنباؤهم بشكل مريب وكأنهم يستقون من مصادر إما مضطربة بنفسها.. أو أنها قاصدة أن تُشوِّش عليهم حقيقة الأمر.

وهو الأمر الذي جعل إيران تهبط في عيون الناس -وأنا منهم- إلى مستوى دول العالم الفاشلة بوليسياً وإسعافياً وتكنولوجياً وعسكرياً .. في ساعات فقط أحسست أن إيران دولة كرتونية بل ورقية.. وهالني الأمر واستبدت بي الصدمة لولا أن تداركني نعمة من ربي وتذكرت عظمة قوتها العسكرية الإسلامية والتي تجلت عملياً واقعياً بعملية الوعد الصادق التي شرشحت أم الكيان الصهيوني وأمطرت عليه حجارة من سجيل باليستي ومُسيَّر أصاب أهدافه بدقة عالية بما يعكس حقيقة قوة التكنولوجيا الإيرانية.

قلت ما قرأتم وأتمنى من كل قلبي لجمهورية عز الإسلام (إيران) كل السؤدد والتماسك وتغليب مصالحها الجهادية التي قام نظام حكمها على أسسه.. بعيداً عن أي أطماع داخلية في الحكم والسلطة أياً كان موقعها حتى موقع “منصب” المرشد الأعلى فيما بعد رحيل الإمام الخامنئي.

فلتطغَ على أبناء إيران -شعباً ومسؤولين- ثقافة التسليم لقيادتهم الربانية العظيمة وليتمسكوا بهذه الثقافة (ثقافة التسليم) حتى بخصوص ماتراه القيادة في تحديد خليفة لها من الأبعدين أو الأقربين.. وهذا النصح نابع من حرص صادق على هذه الدولة العظيمة.. حيث إن المتربصين بها كُثُر بل كُثُر جداً ومن أعتى أنظمة العالم إجراماً واستكباراً (أمريكا والغرب عموماً).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com