“تقرير خاص“| اتفاق إماراتي – سعودي في حضرموت والهندسة الإقليمية للنفوذ النفطي..!
أبين اليوم – خاص
تشهد حضرموت اليوم مرحلة مفصلية في إعادة ترتيب النفوذ الإقليمي، بعد أشهر من التوترات المتقطعة بين السعودية والإمارات على الهضبة النفطية شرقي اليمن. الصفقة الأخيرة بين الرياض وأبوظبي تعكس صراعًا أوسع لإعادة رسم موازين القوة بين الحلفاء الإقليميين، مع محاولة الولايات المتحدة توجيه هذه التحركات بما يخدم مصالحها في المنطقة.
الاتفاق يشير إلى أن الصراعات المحلية لم تعد تُحسم بالقوة العسكرية فقط، بل بالتحالفات والتنسيق الإقليمي والدولي، مع التركيز على السيطرة على الموارد الحيوية مثل النفط، وإقصاء الأطراف التي تمثل نفوذًا سياسيًا أو حزبيًا منافسًا، مثل حزب الإصلاح أو الفصائل الموالية له.
1. تفاصيل الاتفاق الإماراتي–السعودي في حضرموت:
الاتفاق ينص على إخراج المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت مع الأسلحة الشخصية لأفرادها فقط، وإحلال فصائل موالية للسعودية تُعرف بـ “درع الوطن”.
– تم توزيع مناطق النفوذ بين المكونات المحلية:
النخبة الحضرمية تتولى إدارة الساحل، ودرع الوطن تتولى إدارة الوادي والصحراء، فيما يتم دمج بقية الفصائل بما فيها قوات حلف القبائل ضمن هذه المكونات.
الهدف المعلن هو ضبط الأمن والاستقرار في المنطقة، لكن الهدف الاستراتيجي هو السيطرة على الهضبة النفطية ومواردها الحيوية، مع تقليص نفوذ الإخوان والفصائل المرتبطة بهم.
2. السياق السعودي والإماراتي:
السعودية أعادت خلال العامين الأخيرين تشكيل قوى محلية موالية لها بعيدًا عن حزب الإصلاح، لكنها ظلّت محدودة النفوذ في حضرموت، خصوصًا في الهضبة النفطية.
الإمارات صعدت مؤخرًا في المنطقة، وبرز دورها في الضغط العسكري والسياسي لإعادة توزيع النفوذ بين الفصائل المحلية.
الاتفاق الأخير يعكس تنسيقًا سعوديًا–إماراتيًا لضمان السيطرة على الموارد، مع إبقاء الفصائل الموالية لكل طرف تحت إشراف مباشر يوازن النفوذ بينهما.
3. التطورات التنفيذية على الأرض:
حيّدت السعودية قائد فصائلها في الهضبة النفطية، بينما استلم أبرز رجالاتها مهامهم على رأس سلطة المحافظة.
استضافت وسائل الإعلام السعودية محافظ حضرموت الجديد سالم الخنبشي، في خطوة دعم إعلامي واستراتيجي له، بينما تم تحييد عمرو بن حبريش، الذي نفى تلقيه أي دعم سعودي، رغم دعوات حلف القبائل له.
الخنبشي أكد إعادة تهدئة التصعيد الأخير، وإعادة فصائل محسوبة على الإمارات المعروفة بـ “حماية الشركات” لتأمين المنشآت النفطية، مع الالتزام بالاستماع لمطالب أبناء حضرموت.
4. الامتداد الدولي والإقليمي:
الاتفاق الإماراتي–السعودي يأتي بالتزامن مع خطة أمريكية جديدة في السودان، ما يعكس تواصلاً بين التحركات الإقليمية والدولية في إعادة ترتيب النفوذ العسكري والسياسي في المنطقة.
الولايات المتحدة تسعى من خلال هذه التحركات لضمان مصالحها في البحر الأحمر والملاحة الدولية، وموازنة النفوذ الروسي، بينما الإمارات تسعى لتعزيز حضورها المباشر في المناطق النفطية اليمنية.
الصفقة تشير إلى تعاون ضمني بين الحلفاء الإقليميين لتحقيق أهداف مشتركة: تقليص نفوذ الإخوان، السيطرة على الموارد الاستراتيجية، وإعادة توزيع القوى بين الفصائل المحلية بما يخدم مصالحهم.
وعليه يمكن القول:
الاتفاق الإماراتي–السعودي في حضرموت يعكس إعادة هندسة كاملة لموازين القوى المحلية والإقليمية، حيث تتقاطع المصالح العسكرية والسياسية والاقتصادية لضبط النفوذ على الهضبة النفطية والمناطق الحيوية.
السيطرة الإماراتية عبر الضغط العسكري والسياسي، مع الدعم الإعلامي والاستراتيجي السعودي لمحافظ الخنبشي، توضح نموذجًا معقدًا لإدارة الفصائل المحلية وفق مصالح التحالفين، مع توجيه ضربة لمحاولات الإخوان والفصائل المعارضة لفرض نفوذها.
هذا المشهد يوضح أن اليمن، وخاصة حضرموت، أصبحت امتدادًا للعبة الإقليمية والدولية نفسها التي تُدار في السودان والمنطقة، حيث تُستخدم الفصائل المحلية كأدوات لتحقيق مصالح القوى الكبرى، بينما تُحكم السيطرة على الموارد الحيوية تحت مظلة التحالفات الإقليمية والدعم الدولي.