التطبيع الإماراتي والاقتصاد الحربي وتمويل آلة الحرب الإسرائيلية..!
اليوم – خاص
يشير تقرير ميدل إيست مونيتور إلى نقطة محورية كثيراً ما يتم تجاهلها في قراءة مسار التطبيع الإماراتي–الإسرائيلي:
أن التطبيع لم يكن مجرد مسار سياسي أو أمني، بل كان في جوهره مشروعاً اقتصادياً عابراً للحدود يخدم منظومات القوة الإسرائيلية، وفي مقدمتها الاقتصاد الحربي.
1. تجارة الماس كحلقة خفية في شبكة التطبيع:
منذ توقيع اتفاقيات التطبيع، تم دفع قطاعات اقتصادية محددة نحو الاندماج السريع، ليس فقط في التكنولوجيا والزراعة والطيران، بل في القطاعات “الأكثر حساسية” مثل تجارة الماس.
هذه التجارة لم تكن اختياراً عشوائياً، لأن إسرائيل تُعدّ واحدة من أكبر مصدري الماس المصقول في العالم، وتُستخدم عائداته – بحسب مراقبين دوليين – في دعم موازنات عسكرية ضمن ما يُعرف بـ الاقتصاد الحربي الإسرائيلي.
دبي، عبر مركز السلع المتعددة، أصبحت باباً خلفياً لإعادة إدماج الماس الإسرائيلي في السوق العالمية دون الوصم المرتبط بانتهاكات حقوق الإنسان. وهنا تحديداً يتجلى الربط بين التطبيع التجاري والدعم غير المباشر للمجهود العسكري الإسرائيلي.
2. “غسل” الماس الإسرائيلي: نموذج اقتصادي للتطبيع الحربي:
يصف التقرير بورصة الماس في دبي بأنها أصبحت مركزاً لغسل الماس الإسرائيلي، أي تحويله من منتج مرتبط بحرب مستمرة إلى سلعة “شرعية” قابلة للتصدير دون قيود.
وهذا يكمّل سلسلة من التحركات الاقتصادية بعد التطبيع:
– شراكات في التكنولوجيا الأمنية
– تعاون في الذكاء الاصطناعي والرقابة
– اتفاقيات لوجستية وموانئ
وكلها مرتبطة بمنطق “التطبيع الأمني – الاقتصادي” الذي يحوّل الإمارات إلى محطة إقليمية تعزز قدرة إسرائيل على الوصول لأسواق جديدة بعيداً عن التدقيق الأخلاقي.
3. الاقتصاد الحربي الإسرائيلي يعتمد على شبكات خارجية:
تقرير MEMO يربط بين تدفق الماس عبر دبي وبين استمرار آلة الحرب على غزة. وهذا يتسق مع حقيقة أن قطاع الماس يشكّل أحد أكبر مصادر النقد الإسرائيلي القابل للاستخدام في تمويل المشتريات العسكرية أو دعم الميزانية الحربية.
بالتالي، يصبح التطبيع الاقتصادي ليس مجرد تعاون، بل امتداداً لشبكة تمويل حيوية لإسرائيل، حتى إن لم يكن ذلك معلناً أو مقصوداً بشكل مباشر من كل الأطراف.
4. دور الإمارات: من التطبيع إلى إعادة تشكيل تدفقات رأس المال:
قبل التطبيع، كان التعامل التجاري مع كيان الاحتلال محدوداً. بعده، أصبح ممكناً تأسيس قنوات تجارية عابرة للرقابة، مثل:
– دمج الشركات
– انتقال السلع عالية القيمة
– الالتفاف على قيود بعض الأسواق الغربية
وهو ما سمح – وفق التقرير – بمرور الماس الإسرائيلي عبر “نظام ضمانات” وصف بأنه وهمي يضفي الشرعية على تجارة تدعم أطرافاً متورطة في انتهاكات واسعة.
5. من الاقتصاد إلى السياسة: التطبيع كرافعة جيوسياسية:
بربط التقرير بين تجارة الماس والإبادة في غزة، يتضح أن التجارة ليست مجرد “اقتصاد”، بل جزء من هندسة المشهد السياسي الإقليمي.
إسرائيل تعاني منذ سنوات من حملات مقاطعة دولية للماس الدموي، والتطبيع وفّر لها:
– منفذاً جديداً للتجارة
– غطاءً سياسياً
– شبكة اقتصادية نظيفة المظهر تُدخل إليها سلعة ملوّثة بالانتهاكات بعد غسلها عبر دبي.
الخلاصة:
إن ما يخلص إليه التقرير هو أن التطبيع الإماراتي–الإسرائيلي لم يكن خطوة رمزية، بل صناعة اقتصادية شديدة الارتباط بالحرب، وأن دمج دبي في سلسلة توريد الماس الإسرائيلي أعاد تشكيل جزء من منظومة دعم الاقتصاد الحربي الإسرائيلي.
وبذلك يصبح التطبيع – في أحد أبعاده الأقل شهرة – مساراً يعيد هيكلة الأسواق الإقليمية بطريقة تساعد إسرائيل على تجاوز العزلة الاقتصادية المتعلقة بانتهاكاتها، خصوصاً خلال حرب غزة.