“تقرير خاص“| ضمن سباق النفوذ الخليجي: تدهور التحالف السعودي – الإماراتي واليمن المختبر الرئيسي لتصفية الحسابات الإقليمية..!
أبين اليوم – خاص
لقد تحوّل التحالف التاريخي بين السعودية ودولة الإمارات إلى صراع مفتوح على النفوذ والريادة الإقليمية، يضع مصالح الشعوب العربية على هامش الصراع بين الطموحات الاقتصادية والسياسية والعسكرية لكل طرف.
اليمن، بعد سنوات من القتال المشترك ضد الحوثيين، أصبح المختبر الأبرز لتصادم هذه المصالح، حيث تتقاطع الحسابات العسكرية مع الأجندات الاقتصادية والدبلوماسية، وتصبح كل خطوة على الأرض أداة ضغط أو ورقة تفاوض لتثبيت النفوذ.
الصراع الخليجي لم يعد مجرد خلاف سياسي أو اختلاف استراتيجي، بل تحول إلى سباق محموم للهيمنة على الموارد، السيطرة على القرار السياسي، وإعادة تشكيل خريطة القوة في المنطقة.
الإمارات والسعودية، رغم حضورهما المشترك في الاجتماعات الدولية ومظاهر التعاون، تتنافسان بشراسة على أن يكون لكل منهما دور الريادة المطلقة، ما يعكس عمق التباين بين الشعارات العلنية وبين السياسات الخفية على الأرض.
في هذا السياق، اليمن ليست فقط ساحة نزاع مسلح، بل معمل لاختبار تحولات التحالفات الإقليمية، وتحديد مسارات النفوذ في الشرق الأوسط. كل خطوة عسكرية أو اقتصادية هناك تعكس حسابات أكبر، تمتد من إدارة مناطق النزاع المحلية إلى صراع على التكنولوجيا والطاقة والقدرة على فرض الهيمنة الإقليمية، مما يجعل ما يجري في اليمن مؤشراً حقيقياً لما ينتظر المنطقة بأسرها من إعادة رسم خرائط القوة والسيطرة.
ملخص تقرير المجلة الإيطالية:
نشرت شبكة “هاف بوست” الإيطالية تقريراً تحليلياً كشف عن تحوّل التحالف التاريخي بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى سباق محموم على النفوذ والريادة في الشرق الأوسط وخارجه. وأشار التقرير إلى أن الدولتين، اللتين كانتا توصفان بـ”الحلفاء المقربين”، تتنافسان اليوم على رسم مستقبل المنطقة من اليمن إلى غزة والسودان، في مشهد يعكس تصاعد التباين في الأجندات الإقليمية لكل منهما.
وبحسب التقرير، فإن السعودية والإمارات، رغم حضورهما جنباً إلى جنب في اجتماعات الدوحة لمناقشة إعادة إعمار قطاع غزة، تقفان على طرفي نقيض وتسعى كل دولة منهما لانتزاع دور ريادي في إدارة القطاع مستقبلاً وتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار، بما يعكس الرغبة في رسم ملامح ما وصفه التقرير بـ”النظام الإقليمي الجديد”.
وأشار التقرير إلى أن التنافس الخليجي لم يعد يقتصر على الاقتصاد، بل امتد ليشمل ملفات دبلوماسية وعسكرية حساسة، أبرزها:
– العلاقة مع كيان الاحتلال: تباين واضح بين انخراط الإمارات في “اتفاقيات أبراهام” منذ 2020، وتريث السعودية رغم الضغوط الدولية.
– اليمن والسودان: تضارب الأجندات في مناطق النزاع المشتعلة، مع تحول التعاون العسكري السابق إلى صراع مصالح سياسية على الأرض.
– التكنولوجيا والطاقة: سباق للسيطرة على موارد الطاقة المستقبلية والريادة التقنية عالمياً.
واصفاً الساحة اليمنية بأنها “المختبر الرئيسي” للتنافس، أشار التقرير إلى أن الهوة بين الرياض وأبوظبي اتسعت بعد سنوات من القتال المشترك ضد الحوثيين منذ 2015، خصوصاً فيما يتعلق بمستقبل جنوب اليمن وإدارة المناطق المحررة.
كما امتد التنافس إلى الأزمة في السودان والسباق العالمي للسيطرة على الموارد والطاقة والتكنولوجيا المتقدمة.
ونقل التقرير عن مجلة “فورين بوليسي” تأكيدها أن العلاقات الدبلوماسية بين القطبين الخليجيين في حالة تدهور حاد، حيث بدأت المنافسة الصامتة تظهر علنياً بشكل غير مسبوق، في إطار سعي كل طرف لبناء ما وصفه التقرير بـ”نظام عالمي جديد” يعكس الطموحات الاقتصادية والعسكرية المتزايدة لكل منهما.
وخلص التقرير إلى أن ما كان يجمع البلدين من أهداف مشتركة في الماضي تراجع أمام رغبة كل منهما في الهيمنة المطلقة، مما يضع مستقبل العمل العربي المشترك أمام تحديات جسيمة ومعقدة.
الخلاصة:
تقرير “هاف بوست” يوضح أن التحالف السعودي الإماراتي لم يعد مجرد شراكة سياسية أو عسكرية، بل أصبح صراعاً مكشوفاً على النفوذ الإقليمي.
اليمن والسودان وغزة باتت ساحات لتصفية الحسابات والتنافس على الموارد والقرار السياسي، في حين أن السعي للريادة الاقتصادية والعسكرية بين الطرفين يعكس تحول كل دولة إلى لاعب إقليمي منفرد يسعى لتثبيت سلطته في المنطقة. هذا التحول يضع مستقبل العمل العربي المشترك في مهب الرياح، ويشير إلى أن أي مشاريع إقليمية مستقبلية لن تكون إلا محكومة بتوازن القوى بين الدولتين وليس بالمصلحة الجماعية للمنطقة.
وعليه يمكن القول:
ما يجري اليوم يكشف أن التحالف السعودي-الإماراتي انهار على أرض الواقع وتحول إلى صراع على النفوذ الكامل، حيث اليمن أصبح المختبر الرئيسي لاختبار هذه التحولات، وغزة والسودان ساحات لتصفية الحسابات الاستراتيجية. كل خطوة على الأرض، سواء عسكرية أو اقتصادية أو سياسية، تعكس صراعاً مفتوحاً على الريادة الإقليمية وليس على المصلحة العربية المشتركة.
هذا الواقع يشير إلى أن أي مشاريع مستقبلية للعمل العربي المشترك لن تكون إلا محكومة بتوازن القوى بين الرياض وأبوظبي، وليس بالمصلحة الجماعية للمنطقة، ما يضع الشعوب العربية أمام تحديات كبيرة في مواجهة التحولات الإقليمية المتسارعة، ويكشف هشاشة أي توافق خليجي على استراتيجية موحدة في مواجهة الأزمات المستمرة.