“تقرير خاص“| انسحاب مدوٍ أم خيانة محسوبة.. ما وراء انهيار الفصائل الإماراتية شرقي اليمن..!
أبين اليوم – خاص
تشهد محافظة حضرموت شرقي اليمن مرحلة فاصلة في الصراع على النفوذ الإقليمي والمحلي. الانسحاب الإماراتي المفاجئ بعد انتهاء المهلة السعودية لم يترك فقط فراغًا ميدانيًا، بل كشف هشاشة التواجد الإماراتي واعتماده على أدوات خارجية دون غطاء شعبي حقيقي.
ما يحدث في حضرموت اليوم ليس مجرد إعادة انتشار للقوات، بل هو إعادة هندسة لموازين القوى في الشرق اليمني، حيث تتقاطع الاعتبارات العسكرية والسياسية والقبلية، وتترسخ سيطرة الرياض عبر أدوات محلية قوية، في خطوة تعيد رسم المشهد الاستراتيجي في المنطقة.
المشهد الميداني:
شهدت الساعات الأخيرة، عقب انتهاء المهلة السعودية، انهيارات متسارعة لفصائل المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، خاصة على الساحل، الذي يعد المعقل الأبرز لأبوظبي في حضرموت.
واصل مسلحو حلف القبائل المدعوم سعوديًا زحفهم على المديريات التي كانت تحت سيطرة الفصائل الإماراتية، وتمكنوا، وبغطاء جوي سعودي، من السيطرة على مديريات الشحر وغيل باوزير وغيل بن يمين في وقت قياسي.
هذا الزحف تزامن مع فرار فصيل الدعم الأمني، الذي أسسته الإمارات مؤخرًا لقيادة التصعيد ضد السعودية في الهضبة النفطية.
وفي الوقت نفسه، اندلعت اشتباكات بين عناصر الانتقالي الفارين من وادي حضرموت وقوات النخبة الحضرمية التابعة للقيادة العسكرية الثانية، أبرزها عند جولة شركة النفط على مدخل المكلا، حيث تمت مصادرة الأطقم والعربات المدرعة التي كانت بحوزة الفصائل الفارة، ما يعكس مستوى الانهيار والتفكك في صفوف الانتقالي.
– البعد السياسي والإقليمي:
تأتي هذه التطورات بعد لقاء جمع رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي بالزعيم القبلي عمرو بن حبريش عقب استدعائه للرياض، مع وعد بتنصيبه ممثلاً للرئاسي خلف المحافظ البحسني المحسوب على الإمارات.
لم يتضح بعد ما إذا كانت الرياض أعطت الضوء الأخضر للهجوم على الفصائل الإماراتية، أم أن الأمر يعكس تمردًا داخليًا جزئيًا بعد دعوة محافظ السعودية للنخبة الحضرمية للانضمام إلى قوات درع الوطن.
الانسحاب الإماراتي من المكلا خلف فراغًا ميدانيًا لا يمكن للانتقالي ملؤه، ما يضع قواته المتبقية في الوادي، المنتمية للضالع ويافع، في حالة حصار كامل، مع احتمالية سقوط المكلا تحت السيطرة السعودية، وهو ما سيغير المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.
وعليه يمكن القول:
توضح الأحداث الأخيرة أن حضرموت تحولت إلى ساحة حسم بين النفوذ الإماراتي والسعودي، حيث فشلت أبوظبي في الحفاظ على أدواتها المحلية أمام الضغط السعودي المباشر والدعم القبلي المحلي.
انهيار الفصائل الإماراتية يعكس هشاشة منظومتها العسكرية، واعتمادها على أدوات خارجية بدون رصيد شعبي أو قبلي.
صعود حلف القبائل والنخبة الحضرمية المدعوم من الرياض يغير قواعد اللعبة، ويضع السيطرة العسكرية والسياسية في الشرق اليمني بيد القوى المحلية المدعومة من السعودية، ما يعيد تشكيل التحالفات داخل التحالف اليمني ذاته.
انسحاب القوات الإماراتية وترك المكلا دون حراسة يكشف أن الانتقالي غير قادر على ملء الفراغ، ما يجعل سقوط معاقله الشرقية مسألة وقت، ويؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة رسم النفوذ والمصالح الإقليمية في اليمن.
الخلاصة:
مرحلة حضرموت الراهنة تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الفصائل الموالية للإمارات على الصمود، وأيضًا اختبارًا لنفوذ السعودية وقدرتها على فرض توازن جديد في شرق اليمن.
المشهد يشير إلى نهاية النفوذ الإماراتي المباشر في المناطق الاستراتيجية، مع انتقال القيادة الفعلية للأحداث إلى أدوات محلية مدعومة سعودياً، في تحوّل سيُعيد تشكيل الخارطة السياسية والميدانية في حضرموت والمهرة ويمهد لسقوط المجلس الانتقالي في محيطه الشرقي.