“مقالات“| 14 أكتوبر.. ثورة لا تموت..!

6٬883

أبين اليوم – خاص 

بقلم/ صالح الجنيدي:

لم يكن مستبعداً أن يحرك الاستعمار البريطاني والامريكي أدواته الاقليمية والمحلية في المحافظات الجنوبية لتقويض ثورة 14 اكتوبر بعد 62 عاماً، فأهمية هذه الثورة ودلالاتها وأثرها الكبير على القوى الاستعمارية الغربية جعلها حاضرة في ذاكرة تلك القوى التي لم تغمض عيناها عن المحافظات الجنوبية منذ عقود..

فمشاريع الاستعمار التي سقطت بسقوط الاستعمار البريطاني في ستينيات القرن الماضي، عادت بمسميات مختلفة وبأياد استعمارية إقليمية ومحلية منذ سنوات، وهو ما يعكس عظمة هذه الثورة التي تمكن فيها شعبنا في المحافظات الجنوبية من كسر الغطرسة الاستعمارية الأجنبية.

وكما يبدو أن الاحتلال السعودي ـ الإماراتي الجديد في الجنوب قد استند على حسابات خاطئة في هذا الشأن ليحيي مشاريع غابرة، أو انه يتوهم بأن شرارة ثورة الـ14 من أكتوبر قد انطفأت بعد سته عقود، وان البندقية التي أطلقت رصاصة الرحمة على الاستعمار البريطاني غير قادرة على حماية مكتسبات ثورة أكتوبر المجيدة، والعكس صحيح..

وما يجب ان تدركه قوى الاحتلال الناعمة الجديدة في المحافظات الجنوبية، أن مصيرها سيكون أسوأ من مصير الاستعمار البريطاني، وأن استمرار عبثها بثروات ومقدرات الجنوب الوطنية لن يمنحها أي نفوذ استعماري في أرض الجنوب، وعمر المستعمر الجديد أقصر بدون شك من عمر الاستعمار البريطاني.

فثورة 14 أكتوبر التي انطلقت من جبال ردفان، لم تكن مجرد حدث تاريخي عابر في حياة شعبنا، بل حدث تاريخي غيّر مجرى التاريخ في جنوب الوطن، وتمكن من خلالها شعبنا إنهاء حقبة الاستبداد والطغيان الانجليزي من جنوب اليمن بعد 129عاماً من الاستعمار، كما أسقطوا كافة المشاريع التآمرية التي أسسها الاستعمار على مدى عقود زمنية..

لذلك كافة محاولات إعادة تلك المشاريع بمسميات مختلفة لن يكتب لها النجاح، لأن شعبنا اليمني الذي صنع فجر أكتوبر المجيد قبل 62 عاماً وانتزع الحرية والاستقلال من قبضة الاستعمار البريطاني، قادر على حماية منجزات الثورة واسقاط كافة محاولات الالتفاف على الثورة وعلى أهدافها ومكاسبها العظيمة.

فشعبنا اليمني اليوم أقوى من أي وقت مضى رغم الانقسام السائد الناتج عن العدوان السعودي الاماراتي الأمريكي، وقدرات قواتنا المسلحة التي فرضت معادلات عسكرية على المستوى البحري والجوي، وكسرت الغطرسة الأمريكية في البحر الأحمر، وفرضت معادلة ردع عسكرية غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني من خلال عمليات الاسناد لغزة، قادرة على دحر الاحتلال الجديد وإنهاء كافة المشاريع الاستعمارية.

وهنا نؤكد أن شعبنا لم يتجاهل مخطط الاستعمار الذي يحاول إعادة الوضع في الجنوب إلى ماقبل ثورة 14 اكتوبر 1963م، فهذا التوجه الاستعماري الذي تقف وراءه دول التحالف السعودي الاماراتي يعد أحد المحاولات البائسة التي يرمي الاحتلال الجديد تنفيذ مخطط استعماري قديم تحت مسمى “دولة الجنوب العربي“ وهو مشروع بريطاني استعماري يهدف إلى افراغ ثورة 14 اكتوبر من مضمونها ومن اهدافها الاساسية، المتمثل بالاستقلال الكامل، وايجاد حكومة شكلية تابعة للاستعمار الأجنبي وليست حكومة وطنية كما هو جاري اليوم..

فالحكومات التي يفرضها الاحتلال الجديد تمثل السعودية والامارات وتنفذ اجنداتها، ولا تمثل الشعب اليمني ولا تحمي مصالحه ومكتسبات ثورته الوطنية، وبالمثل عادت اجندات الاستعمار وأدواته من مشاريع تجزئة وتفتيت ومليشيات متعددة الولاءات.

فالاحتلال الجديد السائد منذ سنوات في المحافظات الجنوبية، يعد امتداد للاستعمار البريطاني البغيض، فالمشاربع الاستعمارية متشابهة، ولا فرق بين محتل وآخر، فالاحتلال يدمر الأوطان وينهب الثروات الوطنية، ويرى بأن تدمير المقدرات الوطنية وتعطيلها ضرورة لإطالة بقاء الاستعمار.

في الختام، نؤكد أن بندقية الشهيد راجح غالب لبوزة التي ارعبت الاستعمار البريطاني واشعلت فتيل ثورة 14 أكتوبر المجيدة، لا تزال باقية، وعلى المحتل الجديد أن يقرأ تاريخ اليمن جيداً، وان يستفيد من دروس وعبر ثورة اكتوبر المجيد كونها إحدى أعظم الثورات العربية التي انتزعت الحرية وفرضت التحرر والاستقلال بقوة الإرادة الشعبية.

*محافظ محافظة أبين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com