حضرموت وشبوة تشتعلان: اغتيالات وحملة اعتقالات وصراعات داخلية تعصف بفصائل التحالف وتمزّق معسكراته من الداخل..!
أبين اليوم – خاص
تشهد المحافظات الشرقية والجنوبية في اليمن موجة غير مسبوقة من الاضطرابات الأمنية، يوماً بعد آخر، في ظل تصاعد الصراع بين الفصائل الموالية للتحالف السعودي–الإماراتي.
وباتت الاغتيالات، والانفجارات، والتصفيات داخل المعسكرات، مؤشراتٍ على مرحلة جديدة من التفكك داخل البنية العسكرية التي أُنشئت بدعم خارجي.
وتكشف الأحداث المتتالية في حضرموت وشبوة عن واقع أمني هشّ واتساع دائرة الصراع المناطقي والقبلي، ما ينذر بانفجار صراعات أعمق مع انحسار سلطة الدولة وتضارب أجندات القوى المسيطرة.
شهدت محافظة حضرموت، الثلاثاء، محاولة اغتيال استهدفت القيادي البارز في الفصائل الموالية للتحالف، صالح الروساء، المعروف بقائد “مقاومة الجوف”، في حادثة جديدة تعكس تصاعد الصراع الداخلي بين الأطراف المدعومة من السعودية والإمارات.
ووفق مصادر محلية، انفجرت عبوة ناسفة في سيارة الروساء قرب منزله في مدينة تريم بوادي حضرموت، متسببة بأضرار مادية فقط. وأكدت المصادر أن دقة التوقيت ومكان العملية يشيران إلى أن الروساء كان الهدف المباشر، في عملية تحمل سمات “تصفية داخلية” ضمن سباق النفوذ بين الفصائل المتصارعة.
وفي السياق نفسه، نفذت قوات أمنية موالية للإمارات حملة اعتقالات طالت الشخصية الاجتماعية المعروفة حسن زيد اليزيدي داخل مدينة المكلا، دون مسوّغ قانوني، الأمر الذي أثار موجة غضب في الأوساط الحضرمية. واتهم أهالي المكلا تلك الفصائل باستخدام الاعتقالات لإسكات الأصوات المناهضة، في الوقت الذي تتزايد فيه الانتهاكات الأمنية داخل المناطق الخاضعة للتحالف.
إلى ذلك، برزت خلال الأيام الماضية تطورات خطيرة داخل المعسكرات التابعة للفصائل المدعومة إماراتيًا وسعوديًا، حيث قُتل المجند الحضرمي في قوات “العمالقة” علي عبدالله باشرخيم الديني داخل معسكر بيحان أثناء نومه، بعد أن أطلق أحد زملائه من محافظة الضالع النار عليه. واتهم ناشطون قيادة الفصائل بالتستر على القاتل وعدم اتخاذ أي إجراءات بحقّه، وسط مطالبات واسعة بإحالته إلى القضاء.
كما شهدت شبوة حادثة مشابهة، حيث لقي مجند آخر في فصائل “دفاع شبوة” مصرعه برصاص زميله على خلفية ثأر قبلي قديم، ما يكشف عن حجم التصدعات المناطقية التي تنعكس مباشرة على أداء تلك التشكيلات المسلحة.
وتزامنت هذه الأحداث مع محاولة اغتيال ثانية استهدفت صالح الروساء في تريم، حيث فجّر مسلحون مجهولون عبوة ناسفة أثناء مرور سيارته قرب مطعم “نجد”، من دون وقوع إصابات، في وقت عمّ فيه الهلع أوساط سكان المدينة.
وتعكس هذه الحوادث – من اغتيالات صامتة داخل المعسكرات إلى محاولات تفجير واعتقالات تعسفية – واقعًا متفجّرًا تتداخل فيه الأجندات الإقليمية مع الانقسامات المناطقية والقبلية، ما يجعل حضرموت وشبوة ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات بين الفصائل الموالية للتحالف.
كما تكشف هذه التطورات الأمنية الأخيرة أن مناطق سيطرة الفصائل المدعومة من التحالف السعودي–الإماراتي تتجه نحو مرحلة جديدة من التفكك، حيث لم تعد الصراعات مقتصرة على تنافس النفوذ بين الرياض وأبوظبي، بل امتدت إلى داخل المعسكر الواحد، وبين مجنّدين ينتمون لمناطق وقبائل مختلفة.
ومع غياب الدولة وانفراد الفصائل بالسلاح والقرار، تتسع دائرة الفوضى، ما يهدد بتحول حضرموت وشبوة إلى بؤر صراع طويل الأمد ما لم تتراجع القوى الخارجية عن إدارة المشهد الأمني عبر وكلاء متصارعين.