“تقرير خاص“| سقوط الشرق أم نهاية المشروع؟ ما الذي سيخسره المجلس الانتقالي إذا انهزم في حضرموت والمهرة..!

7٬893

أبين اليوم – خاص 

في لحظات التحوّل الكبرى، لا تُقاس المعارك بعدد المواقع التي تُسقط أو تُحفظ، بل بما تكشفه من اختلالات عميقة في موازين القوة والتحالفات.

وما يواجهه المجلس الانتقالي اليوم في شرق اليمن ليس مجرد تراجع عسكري عابر، بل لحظة اختبار وجودي لمشروع بُني على تقاطع النفوذ الإقليمي والفراغ السيادي.

فحضرموت والمهرة لم تعودا ساحتي انتشار فحسب، بل تحوّلتا إلى مرآة تعكس نهاية مرحلة كاملة من هندسة النفوذ، وبداية صراع مكشوف على من يملك قرار الجنوب، وثروته، ورمزيته السياسية.

في هذا السياق، يصبح السؤال الحقيقي ليس: هل سيخسر الانتقالي الأرض؟ بل: ماذا يتبقى له إن خسر الشرق؟ وهل يمكن لمشروع سياسي–عسكري أن ينجو بعد أن تُسحب منه أوراق القوة دفعة واحدة، إقليمياً

لذلك.. تتراجع فرص المجلس الانتقالي، مع الانكسار المتسارع لقواته في شرق اليمن، وسط مؤشرات على أن خسارته المحتملة في محافظتي حضرموت والمهرة لن تقتصر على فقدان السيطرة الميدانية، بل ستفتح عليه أبواب خسائر سياسية واستراتيجية قد تنهيه كقوة فاعلة.

وبحسب رسائل غير مباشرة تبعث بها الرياض، وأخرى يكررها رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، فإن فشل الانتقالي في الدفاع عن معاقله في الشرق سيكلفه ثمناً أكبر بكثير من مجرد الانسحاب العسكري. فخصومه الإقليميون والمحليون لا ينظرون إلى ما يجري كمعركة حدود نفوذ، بل كفرصة لمعاقبته وتفكيكه نهائياً.

ومع أي انسحاب من حضرموت والمهرة، ستتجه الضغوط مباشرة نحو معقله الرئيسي في عدن، بالتوازي مع الدفع بقوى جنوبية بديلة أكثر عداءً له، وعلى رأسها تيار الرئيس الأسبق عبد ربه منصور هادي، الذي تشير المعطيات إلى إعادة ترميمه سياسياً وتنظيمياً للمشاركة في المرحلة المقبلة.

وبعيداً عن الخسائر العسكرية والبشرية والنفسية، والتي قد تُسرّع تفكك المجلس من الداخل على غرار ما حدث للحزب الاشتراكي سابقاً، فإن الانتقالي مهدد بخسارة مكاسب استراتيجية راكمها منذ تأسيسه عام 2016.

في مقدمة هذه المكاسب بقاء العاصمة المؤقتة في عدن، إذ بات مصيرها، وفق التطورات الأخيرة، مرتبطاً بانسحاب الانتقالي من الشرق، وهو ثمن رمزي وسياسي باهظ قد لا يقبل به.

كما تشمل الخسائر المتوقعة إقالة قياداته من الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، ومحاصرة مناطقه جنوباً في حال رفض الانصياع، إضافة إلى قطع الإمدادات المالية والدعم الخارجي، بما في ذلك الدعم الإماراتي، الذي قد ترى أبوظبي في هزيمته دليلاً على سقوط قدرته على تنفيذ أجندتها.

وتشير التقديرات إلى أن خصوم الانتقالي سيرفعون سقف مطالبهم إلى حد تفكيك فصائله المسلحة ونزع سلاحه بالكامل، وربما ملاحقة قياداته محلياً ودولياً، في سيناريو لم يكن المجلس يتوقعه قبل اندلاع المواجهة الحالية.

وعليه يمكن القول:

المعركة في حضرموت والمهرة لم تعد مجرد اختبار قوة عسكرية، بل تحولت إلى معركة وجود بالنسبة للمجلس الانتقالي.

فخسارة الشرق تعني عملياً فقدان الغطاء الإقليمي، وانهيار التوازن الذي مكّنه من فرض نفسه لاعباً جنوبياً أول خلال السنوات الماضية.

لذلك، فإن إصراره على القتال حتى اللحظة الأخيرة لا ينبع من رهان على النصر، بل من إدراك أن البديل عن المواجهة مع السعودية أكثر كلفة من الهزيمة العسكرية نفسها.

في ميزان اللحظة الراهنة، يبدو الشرق اليمني بوابة الحسم: إما أن يحافظ الانتقالي على حدٍّ أدنى من مكاسبه ونفوذه، أو يدخل مرحلة الأفول السياسي والعسكري التي قد تنهيه كلياً من المعادلة اليمنية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com