“رؤية تحليلية“| تآكل الموقف العربي أمام الغطرسة الصهيونية.. نداءٌ لليقظة في زمن الخذلان..!
أبين اليوم – تقارير
يعكس المشهد الإقليمي الراهن حالة من الضعف والوهن المتزايد في الموقف العربي، الذي يتجلى بوضوح أمام ما تؤكده الدراسات والتقارير من “الصلف والغطرسة والعربدة الصهيونية” في المنطقة.
هذه الحالة من التراجع الذي يأتي نتيجة لتراكمات من التنازلات عن السيادة ومقايضتها بضمانات أمريكية زائفة للبقاء على عروش السلطة. إن الاستمرار في هذا المسار من الهوان والذلة أمام الإرادة الصهيونية-الأمريكية والغربية، قد يدفع دول المحيط الفلسطيني، بما فيها العراق ودول الخليج والسعودية ومصر، وربما تركيا، إلى أن تصبح فريسة سهلة لأطماع أوهام الصهيونية فيما تزعم من الحق في إقامة “إسرائيل الكبرى” أو ما يسمى بـ “الشرق الأوسط الكبير” الأمريكي، اللذان يمثلان وجهين لمشروع واحد يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة على أسس تخدم المصالح الصهيو-أمريكية.
– قطر.. الثمن الباهظ لضمانات وهمية:
يقدم واقع الحال قطر كمثال حي على هذا التآكل. فوفقًا لما أوردته تقارير وتحليلات، فقد قامت الدوحة بدفع مبلغ هائل للولايات المتحدة، يقدر بنحو 1.2 تريليون دولار، في مسعى لضمان نفوذها في الإدارة الأمريكية، وجعل الرئيس الأمريكي، ترامب، في موقف “الخادم للأمير تميم”.
لكن هذه الاستراتيجية أثبتت فشلها الذريع، فقد خان ترامب هذا الاتفاق، وفقاً لوقائع الأحداث، مرتين. الأولى كانت عندما قام بقصف إيران وهو يدرك تماماً أن رد طهران سيستهدف القواعد الأمريكية المتمركزة في قطر.
والثانية كانت عندما سمح لجيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف الدوحة بهدف اغتيال قيادات من حركة حماس.
هذه الأحداث تؤكد، كما يرى محللون، أن “شغل العصابات” الذي تمارسه الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني يضع ولاءه الأول للإرهاب والسيطرة والتمكين، وليس للمال. فالمال يُقدم على طبق من ذهب للإرهاب إذا تعارضت المصالح.
وكما تُشير تفاعلات نشطاء الاعلام والمثقفين من المهتمين بالشأن العربي على منصات التواصل الاجتماعي إلى أن إدارة ترامب وحكومة نتنياهو يمثلان نموذجاً للتطرف الديني، وأن هذا النوع من القادة مستعد للتضحية بالمال والسعادة من أجل تطبيق قناعاته وتحقيق أحلامه في السيطرة على الأرض على أساس طائفي.
ويعكس الواقع المرير أسفاً عميقاً لعدم فهم الدول العربية لهذه “البديهيات” منذ البداية، مما سمح “للعدو” باستغلال المال العربي لقتل العرب أنفسهم.
– شراكة عربية في التدمير؟:
تتصاعد الأحداث لتقودنا إلى ما هو أبعد من مجرد “ضربة” عابرة تلقتها العاصمة القطرية الدوحة، لاسيما وأن هذه العملية هي التي مكنت الكيان من اختراق كل حرمات المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية كونها أعطت “الضوء الأخضر” لتمرير قرار صهيوني نهائي بإخلاء مدينة غزة التي يسكنها أكثر من مليوني نسمة، تمهيداً لتدميرها بالكامل.
بل وفي ظل هذا المشهد المأساوي، يرى الكثيرون أن “الجميع، اليهود والعرب والأمريكيون مستعجلون لإنهاء الملف وشطب الوجود الفلسطيني”، في ظل واقع عربي لم يعد يقتصر على “الخذلان” و”الصمت”، بل يتعداه إلى ما يمكن وصفه بـ “الشراكة المباشرة وغير المباشرة” مع سلطات الاحتلال في عربدتها بالمنطقة.
– بين الإدانة والشجب والواقع المرير:
تثير تفاعلات الواقع العربي تساؤلات حادة حول رد فعل دولة قطر على “العدوان الإسرائيلي على عاصمتها الدوحة” لاسيما وقد اكتفت، كما يرى المراقبون، بالإدانة والشجب والاستنكار، على الرغم من أن دفاعاتها الجوية، التي استعرضت قوتها أمام الصواريخ الإيرانية، فشلت في منع طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي من اختراق أجوائها. هذا التناقض المفضوح يفسره البعض بأن هذه الدفاعات لا تخضع لسيطرة الدوحة، وإنما تتبع في إدارتها الفعلية للإرادة الأمريكية بشكل كامل.
وفي ظل هذا التناقض، لا يكتفي نشطاء ومثقفون منصات التواصل الاجتماعي العربية بمطالبة مجلس التعاون الخليجي بالتحرك “بشكل عملي” بدلاً من الانزواء في شرنقة الإدانة، إذ يدعون قادة الأمة إلى اتخاذ قرار جمعي يقضي بتجهيز رد عسكري بالمثل، أو على الأقل تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية والسياسية، ووقف الدعم السعودي والإماراتي عبر الطريق البري للكيان الإسرائيلي، ومساندة سلطات صنعاء بدلاً من تشديد الحصار المفروض عليها فحسب..
بل ويصفون المشهد السياسي العربي بأنه بات “مسرحٌ كبيرٌ للمقنّعين”، لاسيما حيث تبكي الدول العربية على ما يحدث في غزة ولبنان وسوريا وإيران، بينما “تغمز” للكيان الإسرائيلي، وتتهم العرب أنفسهم بتعطيل منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية عن اتخاذ إجراءات حاسمة.
– المواجهة برؤى مصيرية:
تحذر تفاعلات التواصل من أن هذا “المسرح سيحترق بمن فيه”، وتحديداً عندما يكون الهدف من الاستمرار عند عرض مشاهد “التفاهة المسرحية” هو قطع الرأس المتمثل في “غزة” ثم الإجهاز على بقية “الجسد” العربي الذي سيقع كـ “فريسة سهلة”.
ويُشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن حالة الاستنفار تحسباً لرد قطري، لكن التفاعلات سرعان ما تصف الرد القطري بالعاجز الذي لا تتعدى قدراته حدود “الإدانة والشجب والاستنكار”.
وفي هذا السياق، يبرز التساؤل حول ما إذا كان مجلس التعاون الخليجي سيفعل اتفاقية الدفاع المشترك، خاصة وأن القضية لم تعد تتعلق بالفعل العسكري فحسب، بل بالصورة والهيبة التي يجب أن يعكسها هذا المجلس.
ويُذكر في سياق متصل أن البيت الأبيض قد أبلغ بأن ترامب أخبر نتنياهو أن “الهجوم في قطر يمكن أن يؤدي إلى السلام”، بينما أكد الديوان الأميري القطري تضامن ترامب مع قطر وإدانته للاعتداء على سيادتها، في تناقض فاضح يؤكد أن أمريكا والكيان الإسرائيلي وجهان لعملة واحدة.
وتُقسم التفاعلات الموقف العربي إلى قسمين:
“قدرنا أن نجابه برؤوس شامخة” ضد أمريكا والكيان الإسرائيلي، بينما “قدركم أن تظلوا أقزاماً ناكسي الرؤوس”.
هذه الرؤية تعكس انقساماً عميقاً بين نهج المقاومة الذي يؤمن بالكرامة والعزة، ونهج الاستسلام الذي يرى في التبعية والذلة خياراً لا مفر منه، وكما تقول التفاعلات: “لنا الصدارة دون العالمين أو القبرُ” مقابل “جوارب طويل العمر و/أو سروال المؤسس”.
– اختراق أمني وتحذيرات:
تُشير تفاعلات نشطاء التواصل الاجتماعي إلى أن الهجوم على قطر تم بأوامر من ترامب، رغم أن قطر تستضيف مركز القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط. وهذا يثير تساؤلات حول مدى جدوى وجود القواعد الأمريكية في الدول العربية، خاصة وأن القاعدتين الأمريكية والتركية في قطر عجزتا عن حماية البلاد.
ورغم أن متحدث باسم الخارجية القطرية أشار إلى أن ما يتم تداوله حول إبلاغ قطر بالهجوم مسبقاً “عارٍ عن الصحة”، إلا أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري أكد على ضرورة عدم التغاضي عن أفعال الاحتلال واتخاذ كل الإجراءات ضده. وتُطالب التفاعلات أخلاقياً بضرورة قيام قطر بقطع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي، بما في ذلك كل أشكال العلاقات الدبلوماسية والثقافية والاقتصادية والرياضية والأمنية.
وفي سياق متصل، تُشير التفاعلات إلى أن الهجوم على الدوحة كان يرمي إلى استهداف قيادات من حركة حماس، ولكنه فشل بفضل “إنذار حاسم” وصل في اللحظة الأخيرة، مما يوضح أن “المقاومة محاطة بعيون يقظة وعقول أمنية من شأنها أن تربك الكيان الإسرائيلي”.
وفيما يفترض بالأمة المسارعة إلى رص الصفوف وتوحيد الجهود لمواجهة الخطر الصهيوني، نجد من يتحدث عبر التفاعلات – ذاتها- عن تقارير تشير إلى أن ثمة تحركات سعودية على حدود اليمن بغية توفير غطاء لحماية كيان الاحتلال، مما يفسر التحولات في سياسات الرياض. بل وتنقل “صحيفة الأخبار اللبنانية” عن مصدر عسكري أن “الاستنفار الجوي السعودي هو الآخر يأتي في إطار التعاون السعودي – الأمريكي – الإسرائيلي”.
وختاماً، يؤكد نشطاء التواصل الاجتماعي أن “أفضل رد لقطر” يضمن لها عدم تكرار الهجوم الإسرائيلي هو لتحالف مع سلطات صنعاء وتقديم الدعم لأبطال قواتها المسلحة، مؤكدين أن صنعاء هي المرشح الأول على الساحة الذي بات بإمكانها تحقيق الانتقام من أعداء الأمة وتحديداً الكيان الإسرائيلي.
المصدر: وكالة الصحافة اليمنية