“مقالات“| العدو لا يفرق بيننا.. فلماذا نفرّق نحن بين بعضنا..!

4٬895

أبين اليوم – خاص

في خضم أمواجٍ عاتية من التحالفات والضغوط الإقليمية والدولية، وفي زمنٍ تتكالب فيه قوى الهيمنة على أوطانٍ عصية على الخنوع، يصبح الصمت خيانة، وتغليب المصلحة الخاصة على العامة انتحاراً وطنياً. وحين يُستهدف الوطن، لا يبقى للجدل الداخلي مكان، بل تغدو الحكمة والعقلانية ميزان الموقف، ويصبح الاصطفاف خلف الثوابت الوطنية واجباً لا ترفاً.

الرجل الصادق، الغيور على وطنه وشعبه، لا تُغريه التجاذبات، ولا تستهويه الاصطفافات الضيقة، بل يعلو فوق الجراح، ويقرأ المشهد بعينٍ وطنية لا تشوبها شبهة الانتماء إلا للأرض والكرامة والسيادة.

اليوم، ونحن نشهد تصاعد العدوان الأمريكي الإسرائيلي المدعوم علناً من قوى الغرب وأنظمة عربية خانعة، يفرض علينا الواجب الوطني ترك الخلافات جانباً، والوقوف صفاً واحداً للدفاع عن وطنٍ لا يميز العدوان بين أبنائه. فالقصف لا يسأل عن الانتماء، والطائرات لا تفرق بين معارض وموالٍ.

العدوان اليوم لم يعد محض اعتداء عسكري، بل محاولة إذلال وكسر إرادة، وسعي لإرجاع اليمن إلى بيت الطاعة الإقليمي والدولي. لكن المعادلة التي طرحتها صنعاء قلبت الموازين، معادلة لا تصب في خدمة أي طرف خارجي، بل تعلي من شأن القيم الإنسانية والوطنية: “أوقفوا العدوان على غزة، وندخل في تهدئة شاملة”. معادلة ترتقي باليمن من موقع المتفرج إلى فاعلٍ رمزي ومؤثر في مشهدٍ يتجلى فيه شرف الموقف.

لمن يرفعون الاتهامات الجاهزة تجاه جماعة بعينها، نقول: لو تغيرت تلك المعادلة أو خرجت عن سياقها الوطني، لكان من الشرف الوقوف ضدها كما نقف ضدها في الداخل. ولكن حين يتوحد الصوت في وجه العدوان الخارجي، يصبح التخوين انحرافاً عن المبدأ، وتبني الروايات المعلبة خيانة لدماء الشهداء.

إن الحفاظ على هذا الشرف الوطني وهذه الرمزية التي حازها اليمن، لا يتم إلا بالتماسك ووحدة الصف، فكل منشأة تُقصف، وكل طفل يُقتل، وكل شجرة تُجتث، هي خسارة لكل اليمنيين دون استثناء. وما لم ندرك أن العدو لا يرى فينا إلا هدفاً يجب إذلاله، فإننا سنمنحه ما يريد بأيدينا. لذا، يجب ان تكون كلمتنا ومواقفنا سداً منيعاً امام العدوان، ، وصراعاتنا مؤجلة حتى ينجلي الخطر. فالوطن لا يُبنى وسط الدمار، ولا يُصان بالخلاف.

بقلم/ سالم عوض الربيزي

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com