“تقرير“| في وجه آخر للاحتلال.. من هي عصابات “أبو شباب” التي تقاتل في غزة..!

6٬878

أبين اليوم – تقارير 

وسط حالة الانهيار الإنساني التي خلفها العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، برزت شخصيات غامضة تحركت في المساحات الرمادية، بين الفوضى الإنسانية والفراغ الأمني.. من بين هذه الأسماء، لمع اسم “أبو شباب”، كعنصر فاعل لخدمة الاحتلال يقود تشكيلًا مسلحًا أثار الكثير من علامات الاستفهام.

وبرز اسم “ياسر أبو شباب”، وهو شاب غزي خرج بدعم من الاحتلال من السجن في ظروف استثنائية غامضة، بعد إعلان المقاومة الفلسطينية – استهدافها مجموعة من “المستعربين” والعملاء شرقي رفح، اتضح لاحقًا أنهم مرتبطون بما سمّته المقاومة “عصابة ياسر أبو شباب”.

في30 مايو الماضي، بثت كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس تسجيلًا يظهر تفجير منزل مفخخ استُدرجت إليه قوة من المستعربين، اتضح لاحقًا أنها تتبع عصابة” أبو شباب”، الذي تحوّل من سجين جنائي إلى قائد عصابة مرتبطة مباشرة بجهاز الأمن الإسرائيلي “الشاباك”.

وأكدت مصادر في المقاومة الفلسطينية أن هذه القوة كانت مسؤولة عن التنسيق الميداني مع الاحتلال، ورصد تحركات الفصائل، والمشاركة في أعمال نهب.

في تقريرنا هذا نغوص في خلفية هذا الرجل، ونكشف كيف تحوّل من مدان جنائي إلى قائد ميليشيا – مرتبطة بجهاز “الشاباك” الإسرائيلي – تعمل تحت غطاء إنساني شكلي وبدعم عسكري مباشر، في واحدة من أخطر محاولات الاحتلال لاختراق النسيج الداخلي لقطاع غزة.

المولد والنشأة:

ولد ياسر أبو شباب في فبراير 1990 بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وينتمي إلى قبيلة الترابين، إحدى أكبر القبائل العربية في جنوب فلسطين.. وتعود أصول القبيلة إلى قبيلة قريش، وقد استقرت في فلسطين ومصر والأردن عقب الفتوحات الإسلامية.

حاول أبو شباب لاحقًا استغلال هذا الانتماء للحصول على غطاء اجتماعي، لكنه فشل حين أعلنت عائلته وقبيلته البراءة منه؛ لأن القبيلة لها حضور قوي في قطاع غزة، وقد قدّمت العديد من أبنائها شهداء في صفوف المقاومة.

قبل انطلاق عملية طوفان الأقصى التي دشنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، كان “ياسر أبو شباب” معتقلاً لدى الأجهزة الأمنية في غزة على خلفية تهم جنائية، أبرزها تجارة وترويج وتعاطي المخدرات.

وقد حُكم عليه بالسجن 25 عامًا منذ عام 2015، لكنه تمكن من الهرب من سجن “أصداء الواقع” غرب خان يونس، بعد أن استهدفت الطائرات “الإسرائيلية” مقار الأجهزة الأمنية خلال الأيام الأولى من العدوان على القطاع في 7 أكتوبر 2023، مما أدى إلى انهيار المنظومة الأمنية في بعض المناطق.

ما بعد الهروب:

كشفت تقارير إعلامية، أن “أبو شباب” أعاد بعد هروبه الاتصال بجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي سارع إلى احتوائه وتزويده بالأسلحة، ضمن خطة تجريبية أشرف عليها جهاز الشاباك.

بدأت الخطة بتشكيل عصابة في رفح، حملت أسماء متعددة مثل “جهاز مكافحة الإرهاب”، ثم “القوات الشعبية”، تحت مزاعم تأمين دخول المساعدات.

في ظل الفوضى التي أحدثها العدوان على قطاع غزة، شكّل أبو شباب ما وصفه بـ”قوة خاصة لتأمين المساعدات الإنسانية”، وانتشر عناصره في مواقع لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن قوات الاحتلال، قرب معبر كرم أبو سالم لتتخذ من المكان مركزًا لعملياتها، حيث تتحكم بمرور المساعدات وتعيد بيعها، مستقطبة بذلك مزيدًا من العناصر المرتزقة.

وتشير التقديرات إلى أن عدد عناصر العصابة تقدر ما بين 100 إلى 300 عنصر، ينتشرون في مناطق حدودية قرب معبر كرم أبو سالم شرقي رفح، وفي نقطة توزيع المساعدات غرب المدينة.

وتعمل هذه العصابات تحت أنظار الاحتلال، الذي يتحكم بتحركاتهم ويوفر لهم الحماية المباشرة من الأرض وعبر الطيران المسير والمروحي.

إدانة قبلية وتبرؤ العائلة:

سعى “أبو شباب” إلى استغلال انتمائه القبلي لتأمين غطاء اجتماعي، لكن قبيلته تبرأت منه.. وفي بيان شديد اللهجة بتاريخ 30 مايو 2025، أعلنت عائلة أبو شباب في غزة براءتها من ياسر، مؤكدة أن ما ارتكبه من أفعال مشينة لا يمثل القيم التي تربت عليها القبيلة.

وأوضح البيان أن العائلة كانت قد صدّقت ادعاءاته بشأن تأمين المساعدات، لكن المعلومات التي ظهرت لاحقًا تؤكد تورطه في أنشطة أمنية مشبوهة بالتعاون مع جيش الاحتلال، مؤكدة أن دمه أصبح مهدورًا ما لم يسلّم نفسه ويتبرأ من ممارساته.

وقال أحد وجهاء قبيلة الترابين، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح لوسائل إعلام فلسطينية: “لقد خنق ياسر آخر ما تبقى من الثقة، ولن نسمح بأن يُستخدم اسم القبيلة كغطاء للخيانة.”

تسليح ممنهج وخطة بديلة:

ذكرت صحيفة “معاريف” العبرية أن جهاز “الشاباك” أوصى بتجريب نموذج تسليح مجموعات صغيرة داخل غزة، بقيادة شخصيات ذات خلفيات إجرامية، بهدف خلق نواة لحكم بديل في بعض المناطق، دون أن تبني المؤسسة الأمنية “الإسرائيلية” آمالًا كبيرة على هذا النموذج.

وأكدت الصحيفة العبرية “معاريف” أن جهاز “الشاباك” هو من جنّد ياسر أبو شباب، وأشرف على تدريب عناصره ضمن خطة تجريبية تهدف إلى تأسيس ميليشيا محلية يمكن الاعتماد عليها لضبط الأمن في مناطق معينة من رفح، بعد استنزاف الاحتلال في حربه الطويلة.

كما نقل باحث في الشأن الإسرائيلي، للصحيفة العبرية، أن “الشاباك” يرى في “أبو شباب” ورقة تكتيكية لا أكثر، قد يتم التخلص منها في أي لحظة إذا ما أصبحت عبئاً.

ملف إجرامي ثقيل:

وبحسب تقارير إعلامية، فإن معظم عناصر هذه المجموعة من أصحاب السوابق، وسبق أن أدينوا بقضايا تهريب ومخدرات واعتداءات.

ويتصدر هؤلاء عصام النباهين، أحد عناصر العصابة، الذي ينحدر من مخيم النصيرات وسط القطاع، وله سجل حافل بالجرائم. وفي سابقة خطيرة، ظهر أبو شباب على قناة “كان” العبرية الرسمية، معلنًا قيادته مجموعة مسلحة بدعم من الجيش الإسرائيلي، ومتوعدًا بمواجهة حماس حتى في حال إعلان التهدئة.

هذا التصريح أثار غضبًا واسعًا في الأوساط الفلسطينية، لا سيما بعد أن وصفه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بأنه “قائد عصابة إجرامية تتصدر عمليات نهب المساعدات الإنسانية في رفح”.

حماية “إسرائيلية”:

شهود عيان من سكان حي الجنينة شرق رفح أفادوا أن جنود الاحتلال الإسرائيلي تدخلوا لإخراج عناصر العصابة من أحد المواقع بعد استهدافه بقذيفة للمقاومة، بينما نُقل بعضهم في آليات إسرائيلية.

تكرر تدخل جيش الاحتلال الإسرائيلي لحماية عناصر “أبو شباب” في اشتباكات مع فصائل المقاومة الفلسطينية، ما يعكس مستوى التنسيق بين الطرفين.

وفي 5 يونيو الماضي، أقر رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” -المطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية- بتسليح ميليشيات محلية داخل غزة، مبررًا ذلك بأنه “يحمي أرواح الجنود الإسرائيليين”. وقال “نتنياهو” في تصريح مسجل: “ما المشكلة في ذلك؟ هذا أمر جيد”.

حالة استثنائية خطيرة:

تكشف حالة “ياسر أبو شباب” عن حجم الاختراق الإسرائيلي في غزة، ومحاولات الاحتلال استغلال الانهيار الإنساني لتأسيس كيانات بديلة عن المقاومة، عبر تجنيد عصابات إجرامية تعمل تحت غطاء “المساعدات”، لكنها في الحقيقة تؤدي دورًا أمنيًا موجهًا.

كما تفتح ملفًا شائكًا حول دور الاحتلال في صناعة الفوضى داخل غزة، عبر استنساخ نماذج مرتزقة محلية بهدف زعزعة الاستقرار الأمني.

إنها حالة تكشف كيف يمكن أن يتحول مجرم مدان إلى أداة في مشروع اختراق سياسي وأمني، يستهدف بنية المجتمع من الداخل.

وتطرح هذه الحالة أسئلة خطيرة حول مستقبل الأمن المجتمعي في غزة، وضرورة التصدي لمثل هذه النماذج التي تشكل خطرًا على النسيج الوطني والإنساني في ظل الاحتلال والحصار.

فهل يشكل هذا النموذج خطرًا عابرًا، أم جزءً من خطة أوسع لإعادة تشكيل المشهد الغزي من الخارج؟

 

المصدر: وكالة الصحافة اليمنية

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com