إعادة هندسة النفوذ في حضرموت: الرياض تفكّك العسكرية الأولى وتُطلق يد الانتقالي بعد تسليمها لدرع الوطن..!

5٬995

اليوم – خاص 

بدأت المملكة العربية السعودية، الأربعاء، تنفيذ خطوة حاسمة في إعادة تشكيل موازين القوى العسكرية في وادي حضرموت، عبر الشروع في تفكيك ألوية المنطقة العسكرية الأولى، إحدى أبرز التشكيلات المحسوبة على حزب الإصلاح (جناح الإخوان المسلمين في اليمن). وتزامنت هذه التحركات مع بدء عملية اقتحام مقرّ قيادة المنطقة شرقي البلاد.

وأكدت مصادر عسكرية داخل المنطقة الأولى وصول لجنة سعودية للإشراف على عملية إعادة الفرز المناطقي داخل الوحدات. وبحسب المصادر، فقد وجَّهت اللجنة الألوية التي ينحدر مقاتلوها من حضرموت والمحافظات الجنوبية بالالتحاق بقوات “درع الوطن” السلفية التي تشرف عليها الرياض مباشرة، فيما طُلب من الألوية ذات التكوين الشمالي الانتقال إلى مدينة مأرب.

وكانت وسائل إعلام تابعة لحزب الإصلاح قد كشفت، مساء الثلاثاء، عن وصول اللجنة السعودية إلى مقر القيادة في سيئون. وبحسب المصادر، فقد طرح الوفد السعودي خيارين أمام قيادة المنطقة: إما التسليم لقوات “درع الوطن”، أو ترك المقر لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي.

وخلال الأيام الماضية، حافظت السعودية على صمت رسمي تجاه الأحداث المتسارعة في الهضبة النفطية، مكتفية بإيصال رسائل غير مباشرة عبر شخصيات إعلامية ونخب سياسية مقربة من دوائر استخبارية سعودية، رغم حساسية الموقف وخطورته.

وفي السياق.. كشف المجلس الانتقالي الجنوبي، عن حصوله على ضوء أخضر من السعودية لاقتحام مقرّ قيادة المنطقة العسكرية الأولى المحسوبة على حزب الإصلاح في مدينة سيئون.

وبحسب مصادر مقرّبة من قائد قوات الانتقالي في أبين، مختار النوبي، فإن غرفة عمليات التحالف أبلغته بشكل مباشر بالشروع في الهجوم على مقرّ القيادة العامة للعسكرية الأولى. وأوضحت المصادر أن الرياض تخشى قيام قوات الإصلاح بنقل صواريخ سكود من داخل المقرّ الرئيسي إلى خارج حضرموت في ظل حالة الارتباك المتصاعدة.

وجاء الهجوم المتزامن مع تقارير أشارت إلى مفاوضات مكثفة قادتها السعودية خلال الساعات الماضية، نجحت في دفع قيادة المنطقة العسكرية الأولى إلى تسليم مواقعها ومعسكراتها رسميًا لقادة فصيل “درع الوطن” التابع للرياض.

وأكدت المصادر أن المنطقة العسكرية الأولى سلّمت بالفعل للجانب السعودي، إذ ظهر قائدها المقرّب من الرئيس الأسبق عبدربه منصور هادي وهو يوقّع إجراءات التسليم لقيادات سعودية من “درع الوطن”، قبل أن تبدأ فصائل الانتقالي عمليات الاقتحام في محيط المقرّ.

التحليل:

تشير خطوة الرياض بتفكيك المنطقة العسكرية الأولى إلى انتقالها من استراتيجية “إدارة التوازنات” إلى إعادة ضبط المشهد بالقوة الناعمة والصلبة في آنٍ واحد. فربط الألوية الجنوبية بـ”درع الوطن” ينسجم مع توجه سعودي لبناء قوة محلية موازية للانتقالي، دون منح الإمارات تفويضًا مطلقًا في الهضبة النفطية.

وفي المقابل، فإن دفع المقاتلين المنتمين للمحافظات الشمالية نحو مأرب يُظهر رغبة سعودية في سحب أدوات الإصلاح من حضرموت تدريجيًا، وإعادة تشكيل نفوذ الحزب ضمن نطاق جغرافي محدود.

الخيارات التي قدمتها الرياض لقيادة المنطقة – بين “درع الوطن” أو الانتقالي – تكشف أن الطرفين أصبحا أداتين في مشروع سعودي–إماراتي متداخل، لكنه يشهد تنافسًا مكتومًا حول حضرموت تحديدًا.

وعليه، فإن التفكيك الجاري لا يمثل مجرد تغيير عسكري، بل مرحلة انتقالية قد تؤدي إلى إعادة توزيع الأدوار داخل التحالف نفسه، وإلى إعادة تعريف مستقبل النفوذ في شرق اليمن خلال الفترة المقبلة.

كما تكشف الخطوة السعودية الأخيرة عن لحظة إعادة هندسة دقيقة لمعادلة القوات في حضرموت، تقوم على نزع أوراق القوة من يد الإصلاح دون تمكين الانتقالي بشكل كامل، مع السماح له بالتحرك تكتيكيًا لفرض ضغط ميداني.

هذا السيناريو يشير إلى أن الرياض تسعى إلى إنتاج “نظام أمني جديد” في الهضبة النفطية يتولّى فيه فصيل درع الوطن موقع القوة المركزية باعتباره قوة تابعة لها مباشرة، مقابل تقليص نفوذ الإصلاح، واحتواء تطلعات الانتقالي.

أما التخوّف من نقل صواريخ سكود فيعكس حساسية دولية وإقليمية تجاه أي سلاح استراتيجي قد يغيّر التوازنات في لحظة الفوضى، ما يفسّر تسريع وتيرة الحسم. باختصار: حضرموت تتحوّل اليوم إلى ساحة اختبار لمشروع سعودي لبناء منظومة نفوذ صلبة، تتجاوز تحالف 2015 وتعيد تعريف من يتحكم بمفاصل القوة في الشرق اليمني.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com