“تحليل“| انهيار الموساد.. كيف دمرت إيران الأسطورة الاستخبارية الإسرائيلية في 5 أيام..!
أبين اليوم – تقارير
في خضم تحول جذري غير مسبوق يشهده المشهد الجيوستراتيجي، تبرز إيران كلاعب رئيسي أعاد رسم معادلات القوة في المنطقة عبر سلسلة عملياتية متكاملة أطاحت بأسس الوجود الاستخباري الإسرائيلي المترسخ لعقود.
لقد شهدت الأيام القليلة الماضية زلزالاً استخبارياً من العيار الثقيل، حيث انهارت الشبكات السرية المدعومة إسرائيلياً تحت وطأة الضربات الأمنية الإيرانية المتتالية التي نفذت بدقة متناهية وتنسيق عال المستوى بين جميع الأجهزة الأمنية.
لم تكن هذه مجرد عمليات روتينية لضبط عناصر معزولة، بل كانت حملة شاملة استهدفت البنية التحتية للتخريب الإسرائيلي من جذورها، بدءً من منصات الصواريخ المتطورة التي تم تعديلها لتكون قابلة للتحكم عن بعد عبر الإنترنت، مروراً بشبكات التخريب الموزعة جغرافياً من كرمانشاه إلى زنجان ولرستان، ووصولاً إلى القضاء على المنشآت السرية لتجميع الطائرات المسيرة في أصفهان.
لقد كشفت هذه العمليات النقاب عن مدى الاختراق الإسرائيلي العميق، وفي نفس الوقت أثبتت القدرة الإيرانية الفائقة على تحييد هذا الخطر بشكل شبه كامل.
على الصعيد الميداني، تشير المعطيات إلى تحول دراماتيكي في موازين القوة، حيث لم تعد القوة الجوية الإسرائيلية تمتلك تلك الهيمنة المطلقة التي عرفت بها سابقاً.
لقد أصبحت الغارات الجوية الإسرائيلية أقل كثافة وأقل فعالية بشكل ملحوظ، وهو ما يعكس الخسائر الفادحة التي منيت بها، بما في ذلك إسقاط أربع طائرات من طراز F-35 التي تعد رمز التفوق التكنولوجي الإسرائيلي.
هذه الضربات الجوية المضادة لم تكن مجرد ردود فعل عشوائية، بل جاءت نتيجة لعملية حسابية دقيقة تقوم على جمع المعلومات الاستخبارية وتحليل نقاط الضعف في النظام الدفاعي الإسرائيلي.
كما أن تدمير المقار الاستخباراتية الإسرائيلية الحساسة بالصواريخ الدقيقة يمثل نقطة تحول استراتيجية تثبت أن إيران قد انتقلت من مرحلة الدفاع إلى مرحلة فرض الأمر الواقع.
المشهد النفسي لا يقل أهمية عن الجانب العملياتي، فالانهيار الذي تعيشه المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بدأ يظهر جلياً في التخبط الواضح في القرارات السياسية والعسكرية.
لقد فقد الكيان الصهيوني عنصري المفاجأة والهيمنة اللذين كانا أساس استراتيجيته لعقود، بينما نجحت إيران في قلب الطاولة عبر تبني استراتيجية الضربات النفسية المحسوبة التي تزيد من حدة هذا الانهيار.
إن مشهد الأسر لطواقم الطائرات الإسرائيلية، إلى جانب الكم الهائل من المعدات العسكرية التي تمت مصادرتها، قد خلق صدمة عميقة في الجانب الإسرائيلي، بينما عزز الثقة في الجبهة الإيرانية.
لكن المعركة الحقيقية ربما تكون قد بدأت للتو، فالانهيار المتسارع للقدرات الإسرائيلية يزيد من احتمالية التدخل الأمريكي المباشر، وهو السيناريو الذي تدركه القيادة الإيرانية جيداً وتستعد له على جميع المستويات.
إن احتمال جر بعض الأنظمة العربية إلى هذا الصراع تحت المظلة الأمريكية يبقى أحد أخطر التهديدات التي قد تعيد تشكيل المعادلة من جديد. ومع ذلك، فإن الزخم الإيراني الحالي والمكتسبات الاستراتيجية التي تحققت في هذه الجولة تجعل من أي تدخل خارجي مغامرة محفوفة بالمخاطر.
إن التوقيت الدقيق للضربات، والدقة في اختيار الأهداف، والتحكم في وتيرة التصعيد، كلها عوامل تشير إلى أن إيران تمتلك رؤية استراتيجية شاملة تتجاوز حدود المواجهة العسكرية المباشرة إلى حرب نفسية واستنزاف طويلة الأمد.
التطورات الأخيرة لم تعد مجرد مناوشات عابرة في الصراع الطويل بين الجانبين، بل أصبحت تمثل فصلاً جديداً في تاريخ المنطقة، حيث تتراجع الهيمنة الإسرائيلية لصالح قوة إقليمية صاعدة تمتلك من الأدوات ما يمكنها من إعادة صياغة معادلات القوى.
إن القدرة على اختراق المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وتفكيك شبكاتها الاستخبارية، وإسقاط طائراتها المتطورة، كلها مؤشرات على أننا أمام مرحلة جديدة أكثر خطورة وتعقيداً.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن ليس حول مدى عمق الأزمة الإسرائيلية، بل حول كيفية تعامل المجتمع الدولي مع هذا التحول الجذري في موازين القوة، وما إذا كانت واشنطن مستعدة لدفع الثمن الباهظ لإنقاذ حليفها المنهار.
في كل الأحوال، يبدو أن المنطقة مقبلة على أيام أكثر دموية، حيث تزداد حدة الصراع وتتسع دوائره، بينما تثبت إيران مرة أخرى أنها لاعب لا يمكن الاستهانة بقدراته أو التقليل من حنكته الاستراتيجية.
المصدر: وكالة الصحافة اليمنية