“عرب جورنال“| واشنطن والقائمة السوداء.. هل بدأت تصفية حسابات “الشركاء” في اليمن..!

7٬666

أبين اليوم – تقارير 

‏تقرير/ عبدالرزاق علي:

تتصاعد المؤشرات القادمة من أروقة القرار الإقليمي والدولي لتكشف عن مرحلة جديدة وحاسمة في إدارة ملف الأزمة اليمنية، مرحلة قد تتضمن “تصفية سياسية” لبعض الأوراق التي لم تعد تخدم مصالح القوى الفاعلة.

الأنباء الأخيرة التي تحدثت عن توجه أمريكي، بتحريض سعودي إماراتي، لوضع “قائمة سوداء” تستهدف أعضاء في “مجلس القيادة الرئاسي” ومسؤولين وقيادات عسكرية موالية للتحالف، لا تمثل مجرد إجراءات عقابية تقليدية، بل هي مؤشر عميق على تغيير في استراتيجيات التعامل مع القوى المحلية في المحافظات المحتلة.

ما كشفه رئيس “موقع مراقبون” المقرب من التحالف، ماجد الداعري، حول إدراج الخزانة الأمريكية أسماء مسؤولين وأعضاء في مجلس القيادة وقادة عسكريين وتجار تحت طائلة العقوبات بتهم منها “تهريب العملة” و”التواصل مع حكومة صنعاء”، يؤكد أن الضغط المالي والسياسي قد تحول إلى أداة ترهيب وتغيير هيكلي.

استغلال العقوبات لتصفية الأعباء السياسية والمالية:

يُنظر إلى هذا التوجه من زاوية رئيسية وهي سعي الرياض وأبو ظبي إلى استخدام القوة الناعمة والصلبة للولايات المتحدة لتطهير المشهد من العناصر التي أصبحت تشكل عبئًا.

منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، كان واضحًا أنه يضم مكونات متنافرة وأشخاصًا يمثلون فصائل مختلفة، ولم يتمكن المجلس من تحقيق أي استقرار سياسي أو عسكري أو اقتصادي يُذكر. لقد تحول المجلس، وبعض القيادات الموالية له، إلى “صندوق أسود” للنفقات والفساد المالي والسياسي، دون أن يقدم أي مكاسب حقيقية للقوى الراعية (السعودية والإمارات).

في ظل التعقيدات الاقتصادية التي يشهدها التحالف، وخصوصًا مع اقتراب الأزمة اليمنية من عقدها الأول دون تحقيق أهدافها المعلنة، أصبحت الحاجة ملحة للتخلص من هذه الأعباء.

إن التلويح بعقوبات الخزانة الأمريكية يمنح السعودية والإمارات “غطاءً قانونيًا ودوليًا” للتخلص من هؤلاء الشركاء، وتحميلهم مسؤولية الفشل، وإزاحتهم بهدوء من المشهد دون الدخول في صدامات مباشرة قد تزيد من الفوضى الداخلية. فبدلًا من الانخراط في صراعات قوى محلية معقدة، يُترك الأمر لواشنطن لتنفيذ “التطهير” عبر أدواتها المالية القاسية.

الضغط الأمريكي-الإسرائيلي لتفجير الموقف العسكري:

لكن هناك قراءة أخرى لا تقل أهمية، وهي تلك التي ترى في التهديد بالعقوبات ضغطًا أمريكيًا-إسرائيليًا “مكشوفًا” على القوى الموالية للتحالف في الجنوب والشرق اليمني. يرى محللون أن توقيت طرح “القائمة السوداء”، الذي تزامن مع تصاعد الفشل الذريع للتحالف الغربي في احتواء العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر والخليج العربي لدعم غزة، ليس صدفة.

لقد وجدت واشنطن وتل أبيب أن “مجلس القيادة” وقواته الموالية لم يكونوا فاعلين بما يكفي لتصعيد الموقف العسكري ضد حكومة صنعاء، ما كان سيخفف الضغط على جبهة غزة والبحر الأحمر.

وبالتالي، فإن التهديد بتجميد الأصول والمنع من السفر وتشويه السمعة الدولية لأعضاء المجلس والقيادات العسكرية والتجارية الموالية، هو وسيلة لدفعهم إلى خيارين لا ثالث لهما: إما التصعيد العسكري الفوري ضد صنعاء لـ”تبييض صفحتهم” وإثبات ولائهم، أو مواجهة العزلة السياسية والمالية الكاملة.

إن إدراج تهم مثل “التواصل مع حكومة صنعاء” ضمن دوافع العقوبات يكشف عن الأهداف الحقيقية لهذا الضغط، وهي قطع أي خطوط تواصل أو مفاوضات محتملة مع صنعاء، وتفجير الجمود العسكري والسياسي. هذا الضغط يخدم الاستراتيجية الإسرائيلية-الأمريكية الرامية إلى إشغال اليمن بصراع داخلي شامل ينهك قدراته ويصرف انتباهه عن الجبهة البحرية.

دلالات التوقيت وأدوار القوى:

إن التهديد بالعقوبات، الذي سبقته حملة ترويج عبر “قناة الحدث” السعودية وتزامن مع وصول فريق من الخزانة الأمريكية لإدارة البنك المركزي في عدن، يؤكد وجود تنسيق عالٍ بين الأطراف. تشير هذه الخطوات إلى أن واشنطن لم تعد تكتفي بالإشراف على المشهد، بل أصبحت تتدخل بشكل مباشر في الأدوات المالية والسياسية للتحالف، مما يعكس سحب جزء من صلاحيات القرار من القوى الإقليمية وتسليمها للطرف الأمريكي.

ختامًا، فإن “القائمة السوداء” الأمريكية ليست مجرد أداة لمكافحة الفساد أو تهريب العملة، بل هي مطرقة سياسية واقتصادية متعددة الأغراض. هي أداة سعودية إماراتية لإعادة هيكلة القيادات والتخلص من الفاشلين، وهي في الوقت نفسه وسيلة أمريكية إسرائيلية لإشعال جبهة جديدة في اليمن وتحويل مركز الثقل العسكري بعيدًا عن البحر الأحمر.

كلتا القراءتين تؤكدان أن بعض الشركاء المحليين للتحالف قد أصبحوا على وشك التحول من “أوراق رابحة” إلى “أوراق محروقة” في لعبة الكبار.

 

المصدر: عرب جورنال

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com