“أبين“| انهيار آخر معاقل تيار هادي جنوب اليمن.. وصمود المؤتمرٍ يُربِك حسابات الانتقالي..!
أبين اليوم – خاص
شهد الجنوب اليمني تطوراً سياسياً لافتاً مع إعلان محافظ أبين الموالي للرئيس الأسبق عبدربه منصور هادي، أبوبكر حسين، انضمامه للمجلس الانتقالي الجنوبي، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ سقوط حكومة هادي عام 2019. وتداولت وسائل إعلام الانتقالي وثيقة تُظهر توجيه المحافظ برفع أعلام الانفصال على مؤسسات الدولة في المحافظة، مسقط رأس هادي، ما يشير إلى تحوّل رمزي كبير في توازن القوى داخل جنوب البلاد.
وتأتي هذه الخطوة في لحظة حساسة بالنسبة لتيار هادي، الذي فقد خلال الأيام الأخيرة آخر معاقله الاستراتيجية في هضبة حضرموت النفطية، بعد سيطرة قوات الانتقالي على مقر المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت.
وكانت هذه المنطقة تضم الثقل العسكري الأبرز لقوات هادي التي انسحبت سابقاً من عدن وأبين، وبينهم قائد المنطقة صالح الجعميلاني، أحد أهم قيادات الحرس الرئاسي السابق.
ومع تقلّص النفوذ العسكري لهادي إلى محور أبين الذي يقوده سند الرهوة، تبدو خيارات التيار محصورة، خصوصاً مع الحصار المفروض على مواقعه المتبقية.
ورغم هذا التقدم العسكري والسياسي النوعي، يواجه الانتقالي تحدياً موازياً في فرض سيطرته على المحافظات الجنوبية والشرقية التي تُدار فعلياً من قبل شخصيات مؤتمرية بارزة.
ففي شبوة، لم تنجح ضغوط الانتقالي في انتزاع ولاء المحافظ عوض ابن الوزير العولقي، بينما واصل محافظ المهرة محمد علي ياسر العمل تحت راية الجمهورية اليمنية وصورة رشاد العليمي، في دلالة على تمسّك المحافظات الشرقية بهويتها الوطنية ورفضها مشاريع الانفصال. وتمتد هذه المقاطعة أيضاً إلى محافظة لحج التي تجاهلت دعوات الانتقالي للتظاهر.
وتعكس هذه التطورات الميدانية والسياسية تبايناً واضحاً داخل الجنوب بين مشروعين: الأول يمثّله الانتقالي في سعيه لاجتثاث القوى المناوئة له، والثاني تحاول الإمارات تسويقه عبر تعزيز حضور المؤتمر الشعبي العام بصفته خياراً بديلاً، ليس فقط جنوباً بل وعلى مستوى اليمن ككل.
– تحليل:
تكشف معركة النفوذ الدائرة في الجنوب عن واقع أكثر تعقيداً مما يُظهره المشهد العسكري. فالانتقالي، رغم نجاحه في إسقاط آخر قلاع هادي، يواجه ما يبدو أنه “جدار صلب” من الرفض السياسي في المحافظات الشرقية والجنوبية التي يتشبث فيها المؤتمر بهياكل السلطة والشرعية الرمزية.
وفي المقابل، تعمل الإمارات بذكاء على إعادة هندسة الخارطة الجنوبية عبر موازنة أدوار المؤتمر والانتقالي معاً، بما يحقق سيطرة بلا كلفة مباشرة. وهنا يصبح السؤال الأكبر: هل يسير الجنوب نحو مشروع انفصال حقيقي، أم نحو إعادة توزيع النفوذ بما يخدم حسابات أبوظبي أكثر مما يخدم تطلعات أبناء الجنوب؟
ما يجري اليوم يشير إلى أن الصراع لم يعد بين هادي والانتقالي فقط، بل بين قوة محلية تسعى للهيمنة وقوة إقليمية تُعيد تشكيل الجنوب بما يناسب أجندتها الإقليمية الأوسع.