“تقرير“| كيف أعاد النفط الروسي رسم خريطة الطاقة العالمية رغم العقوبات الأمريكية..!

6٬894

أبين اليوم – تقارير 

أعاد النفط الروسي تسليط الضوء على التحولات الجيوسياسية في أسواق الطاقة، وسط تعقيدات العقوبات الغربية والرسوم الأمريكية الأخيرة على الهند، التي تُعد من أبرز زبائن الخام الروسي، في ظاهرة تكشف عن مرونة روسية غير مسبوقة في تجاوز القيود، ما يجعل النفط الروسي لاعباً محورياً في موازين القوى الاقتصادية والسياسية، وفق خبراء الطاقة العالمية.

وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- الدكتور أنس الحجي في سلسلة تدوينات على منصة إكس أن العقوبات على مصفاة “نايارا” الهندية أبرزت جانباً من الارتباك في حركة التكرير والنقل، لكن ذلك لم يمنع روسيا من مواصلة ضخ صادراتها بطرق ملتوية، بينها إعادة توجيه الناقلات عبر مصافٍ بديلة، في ظل ما وصفه بـ”تطنيش” بعض الجهات الدولية تجنباً لاضطراب أكبر في الإمدادات.

تدوينات الحجي، جاءت خلال حلقة جديدة من برنامجه “أنسيّات الطاقة”، الذي يقدّمه على مساحات منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، تحت عنوان: “مستجدات أسواق النفط والغاز.. ترامب والهند، ولبنان، والغاز الصخري بالجزائر”.

محذراً من أن أي تصعيد إضافي ضد الهند قد يفاقم المخاطر في أسواق الطاقة، ويؤدي إلى زيادة الطلب على النفط الروسي من أطراف أخرى مثل الصين، ما يعزّز دور موسكو بصفتها مورداً رئيساً رغم العقوبات.

ولفت الحجي إلى أن هذه المرونة تعني أن العقوبات على النفط الروسي، باتت أقل تأثيراً مما يُعلن، وهو ما يمنح النفط الروسي قوة حضور متجددة في الأسواق، مبيناً أن المشهد الراهن يعكس مزيجاً من التعقيدات التجارية والعقوبات الغربية، غير أنه يظهر مرونة متنامية في طرق التلاعب بالقيود المفروضة على روسيا.

وأوضح الحجي أن الهند ما زالت- رغم الضغوط الأمريكية والعقوبات الأخيرة- متمسكة بالنفط الروسي لتأمين احتياجاتها المتنامية من الطاقة، مرجحاً أن أي تصعيد من جانب الرئيس الأمريكي ترمب قد يواجه بتراجع أو تأجيل لتفادي صدمات في أسعار النفط العالمية، خاصة أن الاستقرار السعري يمثل هاجساً انتخابياً واقتصادياً لواشنطن، ويعني ذلك أن نيودلهي ستظل لاعباً رئيسياً في استهلاك الخام الروسي، حتى في ظل الرسوم الجديدة.

مقابل ذلك، تواصل الصين تكثيف وارداتها من الخام الروسي ضمن استراتيجية تخزين ضخمة وصلت بمخزوناتها إلى 1.1 مليار برميل، متجاوزة الولايات المتحدة بنحو 300 مليون برميل.

ويرى الحجي أن هذا التوجه ليس مجرد انعكاس لحاجات آنية، بل جزء من خطة طويلة المدى لتعزيز أمن الطاقة وتقليل الاعتماد على الشحنات البحرية عبر بناء بدائل برية مع روسيا ومنغوليا، إضافة إلى توسيع استخدام الفحم والغاز وخطوط الأنابيب.

ووفق البيانات الدولية للطاقة، فإن روسيا تسيطر حالياً على نحو 12% من صادرات النفط الخام عالمياً، بينما تعد أوروبا أكبر المستهلكين لهذا الخام قبل الأزمة الأوكرانية، ما جعلها تبحث عن بدائل بعد تقليص وارداتها الروسية. ومع استمرار الصين والهند في تأمين كميات كبيرة، يتضح أن النفط الروسي لم يعد سلعة اقتصادية فحسب، بل أداة جيوسياسية تؤثر على الاستقرار الإقليمي والعالمي، وتعيد رسم موازين الطاقة في الأسواق الدولية.

 

المصدر: يمن إيكو

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com