“صنعاء“| هكذا استقبل المكفوفون الورقة النقدية فئة 200 ريال المكتوبة بطريقة “برايل“..!

4٬791

أبين اليوم – قصة خبرية 

لا يرون لونها الزهري، ولا يلمحون رمزها البصري، غير أن عدداً من المكفوفين اليمنيين، عندما أمسكوا بالورقة النقدية فئة 200 ريال، الصادرة عن البنك المركزي اليمني بصنعاء، بين أطراف أصابعهم، استطاعوا “رؤيتها” باللمس، فتفتحت أساريرهم فرحاً، لحظة إحساسهم بخطوط بارزة دقيقة، طبعت بطريقة “برايل” المخصصة لهم.

هذه النقاط الرفيعة، التي طبعها البنك المركزي اليمني في صنعاء منحت المكفوفين جرعة من الشعور الإيجابي بحضورهم لأول مرة في اهتمام السلطات النقدية، فهي تمكّنهم من التمييز الفوري بين هذه الفئة وأخواتها، مما أضفى على تفاصيل حياتهم اليومية استقلالية غير مسبوقة عن اللجوء إلى الآخرين لتعريفهم بالفئات النقدية، حسب ما نشره عدد منهم على حساباتهم بمنصات التواصل الاجتماعي.

الناشطة الروائية، “حياة” إحدى المشارِكات في الحساب المشهور على فيسبوك “صنعاء روحي”، عبرت بلهجتها العامية عن ذلك قائلة: “الخطوة بسيطة في عيون البعض، بس عظيمة في قلوبنا.. عشان نقدر نعرفها لحالنا.. بدون ما نطلب من حد يساعدنا. خطوة حسّستنا أننا مرئيون.. وأن احتياجاتنا مش منسية”.

أما الناشط الروائي إبراهيم محمد المنيفي، فقد شدد على أن ما فعلته السلطة في حكومة صنعاء يُحسب لها، حيث قال” “اختلفوا أو اتفقوا مع السلطة في صنعاء، غير أن اعتماد طريقة برايل لتمييز العملة الجديدة فئة 200 تحسب لها في إطار الاهتمام بالمكفوفين والأشخاص ذوي الإعاقة”، مشيراً إلى أن سلطة صنعاء تتقدم بخطوات كثيرة في هذا المضمار مقارنة بغيرها.

وحسب الناشطين المكفوفين، فإن الطباعة لم تكن مجرد تأثير جمالي أو فني، بل حملة رمزية بكل معنى الكلمة: إنها إعلان ضمني بأن المكفوفين قادرون أن يكونوا جزءاً فاعلاً من الاقتصاد. فهم لم يطلبوا من البنك سوى أن يرى احتياجاتهم، وكانت تلك الخطوة دليلاً على أنهم مرئيون فعلاً، وأن مكانهم في المجتمع ليس ثانوياً، بل في قلب الحوار البشري والاقتصادي، كما يرى عدد من المكفوفين.

ومن منظور علمي، فإن طريقة برايل (التي اخترعها العالم والمطور الفرنسي لويس برايل) تعتمد على مجموعة من النقاط البارزة، تشكّل رموزاً تمكن المكفوفين من “قراءة” الكلام أو الرقم بأطراف أصابعهم. وتحتوي النقطة الواحدة أو أكثر بترتيبات معينة على رمز واحد من الحروف، ففي عالم القراءة هي الوسيلة التي “يرى” بها المكفوف ما يفصل معارفه عن غيره.

وكان البنك المركزي في صنعاء قد نشر، الثلاثاء الماضي، تفاصيل مواصفات الإصدار الثاني من الورقة النقدية فئة الـ(200) ريال، مشيراً إلى أن الإصدار جاء استناداً لأحكام المادة (24) من القانون رقم (14) لسنة 2000م بشأن البنك المركزي اليمني وتعديلاته، مؤكداً أنها طُبعت وفق أحدث المعايير والممارسات العالمية في مجال طباعة الأوراق النقدية؛ حيث تحتوي على الكثيـر من العلامات الأمنية الأكثر تطوراً، البعض منها ترى بالعين المجردة والبعض ترى بالأشعة فوق البنفسجية.

وأوضح البنك أن الورقة الجديدة– بطول 155.2 ملم وعرض 76 ملم– مزوّدة بأحدث طبقات الحماية الأمنية، منها طبقة لامعة وشريط معدني، مشيراً إلى أن النقطة البارزة غير الملونة على الوجه الأمامي تُعد العلامة البارزة من نوع “برايل”، ما يجعل هذه الورقة الأولى في اليمن التي تعكس شمولية ووعياً تجاه الأشخاص المكفوفين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com